(يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) ... الآية قال: كان قوم مسخوطين في أهل الجاهلية، فلما بعث الله نبيه قالوا: لو أتينا محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فأمنا به واتبعناه، فقال بعضهم لبعض: كيف يقبلكم الله ورسوله فى دينه؟ فقالوا: ألا نبعث إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم رجلا؟ فلما بعثوا، نزل القرآن:(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) فقرأ حتى بلغ: (فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) .
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن الشعبي، قال: تجالس شتير بن شكل ومسروق فقال شتير: إما أن تحدث ما سمعت من ابن مسعود فأصدّقك، وإما أن أحدّث فتصدّقني فقال مسروق: لا بل حدث فأصدّقك، فقال: سمعت ابن مسعود يقول: إن أكبر آية فرجا في القرآن (يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) فقال مسروق: صدقت.
وقال آخرون: بل عني بذلك أهل الإسلام، وقالوا: تأويل الكلام: إن الله يغفر الذنوب جميعا لمن يشاء، قالوا: وهي كذلك في مصحف عبد الله، وقالوا: إنما نزلت هذه الآية في قوم صدّهم المشركون عن الهجرة وفتنوهم، فأشفقوا أن لا يكون لهم توبة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، قال: ثنا يحيى بن سعيد الأموي، عن ابن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال يعني عمر: كنا نقول: ما لمن افتتن من توبة، وكانوا يقولون: ما الله بقابل منا شيئا، تركنا الإسلام ببلاء أصابنا بعد معرفته، فلما قدم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم المدينة أنزل الله فيهم:(يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّه) ... الآية، قال عمر: فكتبتها بيدي، ثم بعثت بها إلى هشام بن العاص، قال هشام: فلما جاءتني جعلت أقرؤها ولا أفهمها، فوقع في نفسي أنها أنزلت فينا لما كنا