يقول تعالى ذكره: وأنيبوا إلى ربكم، وأسلموا له (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ) بمعنى لئلا تقول نفس (يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ) ، وهو نظير قوله:(وَأَلْقَى فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) بمعنى: أن لا تميد بكم، فأن، إذ كان ذلك معناه، في موضع نصب.
وقوله (يَا حَسْرَتَا) يعني أن تقول: يا ندما.
كما محمد بن الحسين، قال: ثني أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ في قوله:(يَا حَسْرَتَا) قال: الندامة، والألف في قوله (يَا حَسْرَتَا) هي كناية المتكلم، وإنما أريد: يا حسرتي، ولكن العرب تحوّل الياء فى كناية اسم المتكلم في الاستغاثة ألفا، فتقول: يا ويلتا، ويا ندما، فيخرجون ذلك على لفظ الدعاء، وربما قيل: يا حسرة على العباد، كما قيل: يا لهف، ويا لهفا عليه، وذكر الفراء أن أبا ثَرْوان أنشده:
خفضا كما يخفض في النداء إذا أضافه المتكلم إلى نفسه، وربما أدخلوا الهاء بعد هذه الألف، فيخفضونها أحيانا، ويرفعونها أحيانا، وذكر الفراء أن بعض بني أسد أنشد:
(١) البيت لأبي ثروان العكلي. وهو من شواهد الفراء في معاني القرآن (الورقة ٢٨٥) قال: وقوله" يا حسرتا، يا ويلتا" مضاف إلى المتكلم: يحول العرب الياء إلى الألف في كل كلام كان معناه الاستغاثة، يخرج على لفظ الدعاء. وربما قالوا: يا حسرة، كما قالوا: يا لهف على فلان، ويا لهفا عليه. قال: أنشدني أبو ثروان العكلي: تزورونها ولا أزور.... البيت" اهـ. فخفض كما يخفض المنادي إذا أضافه المتكلم إلى نفسه. والإماء: الجواري من الرقيق يتخذن للخدمة والعمل عند ساداتهم واحدها أمة. والحواطب: جمع حاطبة، وهي التي ترسل في جمع الحطب للوقود. واللهف بسكون الهاء وفتحها: الأسف والحزن والغيظ.