للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خلص له العبادة، ونوحد له الربوبية، فلا نشرك به شيئا، ولا نتخذ دونه ربا.

* * *

ويعني بقوله:"ونحن له مسلمون"، ونحن له خاضعون بالعبودية والطاعة.

ويحتمل قوله:"ونحن له مسلمون"، أن تكون بمعنى الحال، كأنهم قالوا: نعبد إلهك مسلمين له بطاعتنا وعبادتنا إياه. ويحتمل أن يكون خبرا مستأنفا، فيكون بمعنى: نعبد إلهك بعدك، ونحن له الآن وفي كل حال مسلمون.

* * *

وأحسن هذين الوجهين -في تأويل ذلك- أن يكون بمعنى الحال، وأن يكون بمعنى: نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق، مسلمين لعبادته.

* * *

وقيل: إنما قدم ذكر إسماعيل على إسحاق، لأن إسماعيل كان أسن من إسحاق.

ذكر من قال ذلك:

٢٠٨٩- حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق" قال، يقال: بدأ بإسماعيل لأنه أكبر.

* * *

وقرأ بعض المتقدمين:"وإله أبيك إبراهيم"، ظنا منه أن إسماعيل، إذ كان عما ليعقوب، فلا يجوز أن يكون فيمن تُرجم به عن الآباء، وداخلا في عدادهم. وذلك من قارئه كذلك، قلة علم منه بمجاري كلام العرب. والعرب لا تمتنع من أن تجعل الأعمام بمعنى الآباء، والأخوال بمعنى الأمهات. (١) فلذلك دخل إسماعيل فيمن تُرجم به عن الآباء. وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق، ترجمةٌ عن الآباء في موضع جر، ولكنهم نصبوا بأنهم لا يجرون (٢) .

* * *


(١) وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة: ٥٧، وقوله: "والعرب تجعل العم والخال أبا".
(٢) "الترجمة" وما اشتق منها: هي"البدل"، كما سلف آنفًا ٢: ٣٤٠، ٤٢٠، وهذا الجزء ٣: ٥٢ وقوله: "ولكنهم نصبوا بأنهم لا يجرون"، بمعنى أنها أسماء ممنوعة من الصرف، كما هو بين، ولكنه تعبير مليح.

<<  <  ج: ص:  >  >>