للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول تعالى ذكره: وترى يا محمد الملائكة محدقين من حول عرش الرحمن، ويعني بالعرش: السرير.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) محدقين.

حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) قال: محدقين حول العرش، قال: العرش: السرير.

واختلف أهل العربية في وجه دخول"مِنْ"في قوله: (حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) والمعنى: حافِّين حول العرش.

وفي قوله: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) فقال بعض نحويي البصرة: أدخلت"مِنْ" في هذين الموضعين توكيدا، والله أعلم، كقولك: ما جاءني من أحد، وقال غيره: قبل وحول وما أشبههما ظروف تدخل فيها"مِنْ" وتخرج، نحو: أتيتك قبل زيد، ومن قبل زيد، وطفنا حولك ومن حولك، وليس ذلك من نوع: ما جاءني من أحد، لأن موضع"مِنْ"في قولهم: ما جاءني من أحد رفع، وهو اسم.

والصواب من القول في ذلك عندي أن"من"في هذه الأماكن، أعني في قوله (مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) ومن قبلك، وما أشبه ذلك، وإن كانت دخلت على الظروف فإنها بمعنى التوكيد.

وقوله: (يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) يقول: يصلون حول عرش الله شكرا له، والعرب تدخل الباء أحيانا في التسبيح، وتحذفها أحيانا، فتقول: سبح بحمد الله، وسبح حَمْدَ الله، كما قال جل ثناؤه: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى) ، وقال في موضع آخر: (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>