كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:(وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) لأهل لا اله إلا الله.
وقوله:(رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا) ، وفي هذا الكلام محذوف، وهو يقولون; ومعنى الكلام ويستغفرون للذين آمنوا يقولون: يا ربنا وسعت كلّ شيء رحمة وعلما. ويعني بقوله:(وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا) : وسعت رحمتك وعلمك كل شيء من خلقك، فعلمت كل شيء، فلم يخف عليك شيء، ورحمت خلقك، ووسعتهم برحمتك.
وقد اختلف أهل العربية في وجه نصب الرحمة والعلم، فقال بعض نحويّي البصرة: انتصاب ذلك كانتصاب لك مثله عبدا، لأنك قد جعلت وسعت كلّ شيء، وهو مفعول له، والفاعل التاء، وجاء بالرحمة والعلم تفسيرا، وقد شغلت عنهما الفعل كما شغلت المثل بالهاء، فلذلك نصبته تشبيها بالمفعول بعد الفاعل; وقال غيره: هو من المنقول، وهو مفسر، وسعت رحمته وعلمه، ووسع هو كلّ شيء رحمة، كما تقول: طابت به نفسي، طبت به نفسا،. قال: أما لك مثله عبدا، فإن المقادير لا تكون إلا معلومة مثل عندي رطل زيتا، والمثل غير معلوم، ولكن لفظه لفظ المعرفة والعبد نكرة، فلذلك نصب العبد، وله أن يرفع، واستشهد لقيله ذلك بقول الشاعر:
ما في مَعَدّ والقبائِلِ كُلِّها ... قَحْطَانَ مِثْلُكَ وَاحِدٌ مَعْدُودُ (١)
وقال: ردّ"الواحد" على"مثل" لأنه نكرة، قال: ولو قلت: ما مثلك رجل،
(١) لم اقف على قائله. واستشهد به المؤلف عند قوله تعالى:" ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما" وقد اختلف أهل العربية في نصب رحمة.... الخ. والشاهد في البيت قوله" مثلك واحد"؛ فيجوز في" واحد" أن يرد على" مثلك" بطريق البدل منه. ويجوز أيضا أن يكون تفسيرا. أي تمييزا لمثل، لأنه وإن كان معرفة في لفظه، فهو نكرة في معناه، فاحتاج من أجل ذلك إلى التفسير" التمييز" مثل قولك: لك مثله أرضا، وعندي فدان أرضا، ورطل زيتا. لأن المقادير لا تكون إلا معلومة، وقوله" مثلك" في المعنى ألفاظ المقادير. وأما نصب رحمة في الآية، فقد بينه المؤلف.