القول في تأويل قوله تعالى: {قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٣٥) }
قال أبو جعفر: و"الملة"، الدين
* * *
وأما"الحنيف"، فإنه المستقيم من كل شيء. وقد قيل: إن الرجل الذي تقبل إحدى قدميه على الأخرى، إنما قيل له"أحنف"، نظرا له إلى السلامة، كما قيل للمهلكة من البلاد"المفازة"، بمعنى الفوز بالنجاة منها والسلامة، وكما قيل للديغ:"السليم"، تفاؤلا له بالسلامة من الهلاك، وما أشبه ذلك.
* * *
فمعنى الكلام إذا: قل يا محمد، بل نتبع ملة إبراهيم مستقيما.
فيكون"الحنيف" حينئذ حالا من"إبراهيم"
* * *
وأما أهل التأويل فإنهم اختلفوا في تأويل ذلك. فقال بعضهم:"الحنيف" الحاج. وقيل: إنما سمي دين إبراهيم الإسلام"الحنيفية"، لأنه أول إمام لزم العباد -الذين كانوا في عصره، والذين جاءوا بعده إلى يوم القيامة- اتباعه في مناسك الحج، والائتمام به فيه. قالوا: فكل من حج البيت فنسك مناسك إبراهيم على ملته، فهو"حنيف"، مسلم على دين إبراهيم.
ذكر من قال ذلك:
٢٠٩١- حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا القاسم بن الفضل، عن كثير أبي سهل، قال: سألت الحسن عن"الحنيفية"، قال: حج البيت.
٢٠٩٢- حدثني محمد بن عبادة الأسدي قال: حدثنا عبد الله بن موسى