والصواب من القراءة عندنا فى ذلك ما عليه قراء الأمصار، لإجماع الحجة عليه، وهو رفع السلاسل عطفا بها على ما في قوله:(فِي أَعْنَاقِهِمْ) من ذكر الأغلال.
وقوله:(يُسَبِّحُونَ) يقول: يسحب هؤلاء الذين كذّبوا في الدنيا بالكتاب زبانية العذاب يوم القيامة في الحميم، وهو ما قد انتهى حَرُّه، وبلغ غايته.
وقوله (ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) يقول: ثم في نار جهنم يحرقون، يقول: تسجر بها جهنم: أي توقد بهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله:(يُسْجَرُونَ) قال: يوقد بهم النار.
حدثنا محمد. قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) قال: يحرقون في النار.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال. قال ابن زيد، في قوله:(ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) قال: يسجرون في النار: يوقد عليهم فيها.
وقوله:(ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ) يقول: ثم قيل: أين الذين كنتم تشركون بعبادتكم إياها من دون الله من آلهتكم وأوثانكم حتى يغيثوكم فينقذوكم مما أنتم فيه من البلاء والعذاب، فإن المعبود يغيث من عبد وخدمه; وإنما يقال هذا لهم توبيخا وتقريعا على ما كان منهم في الدنيا من الكفر بالله وطاعة الشيطان، فأجاب المساكين عند ذلك فقالوا: ضلوا عنا: يقول: عدلوا عنا، فأخذوا غير طريقنا، وتركونا في هذا البلاء، بل ما ضلوا عنا، ولكنا لم نكن