يقول تعالى ذكره: فلم يك ينفعهم تصديقهم في الدنيا بتوحيد الله عند معاينة عقابه قد نزل، وعذابه قد حل، لأنهم صدقوا حين لا ينفع التصديق مصدقا، إذ كان قد مضى حكم الله في السابق من علمه، أن من تاب بعد نزول العذاب من الله على تكذيبه لم تنفعه توبته.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله:(فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا) : لما رأوا عذاب الله في الدنيا لم ينفعهم الإيمان عند ذلك.
وقوله:(سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ) يقول: ترك الله تبارك وتعالى إقالتهم، وقبول التوبة منهم، ومراجعتهم الإيمان بالله، وتصديق رسلهم بعد معاينتهم بأسه، قد نزل بهم سنته التي قد مضت في خلقه، فلذلك لم يقلهم ولم يقبل توبتهم في تلك الحال.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ) يقول: كذلك كانت سنة الله في الذين خلوا من قبل إذا عاينوا عذاب الله لم ينفعهم إيمانهم عند ذلك.
وقوله:(وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ) يقول: وهلك عند مجيء بأس الله، فغبنت صفقته ووضُع في بيعه الآخرة بالدنيا، والمغفرة بالعذاب، والإيمان بالكفر، الكافرون بربهم الجاحدون توحيد خالقهم، المتخذون من دونه آلهة يعبدونهم من دون بارئهم