وقوله:(وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا) يقول: وألقى في كل سماء من السموات السبع ما أراد من الخلق.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله:(وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا) قال: ما أمر الله به وأراده.
حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا) قال: خلق في كلّ سماء خلقها من الملائكة والخلق الذي فيها من البحار وجبال البرد، وما لا يعلم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا) : خلق فيها شمسها وقمرها ونجومها وصلاحها.
وقوله:(وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا) يقول تعالى ذكره: وزيَّنا السماء الدنيا إليكم أيها الناس بالكواكب وهي المصابيح.
كما حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ) قال: ثم زين السماء بالكواكب، فجعلها زينة (وَحِفْظًا) من الشياطين.
واختلف أهل العربية في وجه نصبه قوله:(وَحِفْظًا) فقال بعض نحويي البصرة: نصب بمعنى: وحفظناها حفظا، كأنه قال: ونحفظها حفظا، لأنه حين قال:"زَيَّنَّاهَا بِمَصَابِيحَ" قد أخبر أنه قد نظر في أمرها وتعهدها، فهذا يدلّ على الحفظ، كأنه قال: وحفظناها حفظا. وكان بعض نحويي الكوفة يقول: نصب ذلك على معنى: وحفظا زيناها، لأن الواو لو سقطت لكان إنا زينا السماء الدنيا حفظا; وهذا القول الثاني أقرب عندنا للصحة من الأوّل.