حدثنا بشر، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا قرة، عن عبد الله بن القاسم، في قوله:(إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) قال: أمرت أن تصل قرابتك.
وأولى الأقوال فى ذلك بالصواب، وأشبهها بظاهر التنزيل قول من قال: معناه: قل لا أسألكم عليه أجرا يا معشر قريش، إلا أن تودّوني في قرابتي منكم، وتصلوا الرحم التي بيني وبينكم.
وإنما قلت: هذا التأويل أولى بتأويل الآية لدخول"في" في قوله: (إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) ، ولو كان معنى ذلك على ما قاله من قال: إلا أن تودوا قرابتي، أو تقربوا إلى الله، لم يكن لدخول"في" في الكلام في هذا الموضع وجه معروف، ولكان التنزيل: إلا مودّة القُربى إن عُنِي به الأمر بمودّة قرابة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، أو إلا المودّة بالقُرْبَى، أو ذا القربى إن عُنِي به التودّد والتقرب. وفي دخول"في" في الكلام أوضح الدليل على أن معناه: إلا مودّتي في قرابتي منكم، وأن الألف واللام فى المودّة أدخلتا بدلا من الإضافة، كما قيل:(فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) وقوله:"إلا" في هذا الموضع استثناء منقطع. ومعنى الكلام: قل لا أسألكم عليه أجرا، لكني أسألكم المودّة في القُربى، فالمودّة منصوبة على المعنى الذي ذكرت. وقد كان بعض نحويي البصرة يقول: هي منصوبة بمضمر من الفعل، بمعنى: إلا أن أذكر مودّة قرابتي.
وقوله:(وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نزدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا) يقول تعالى ذكره: ومن يعمل حسنة، وذلك أن يعمل عملا يطيع الله فيه من المؤمنين (نزدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا) يقول: نضاعف عمله ذلك الحسن، فنجعل له مكان الواحد عشرا إلى ما شئنا من الجزاء والثواب.