للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مبتدأ. ولو كان نَسقًا على الاستفهام الأول، لكان خبرًا عن الأول، فقيل:"أتقوم أم تقعد؟ "

وقد زعم بعض أهل العربية أنّ ذلك، إذا قرئ كذلك ب"الياء"، فإن كان الذي بعد"أم" جملة تامة، فهو عطفٌ على الاستفهام الأول. لأن معنى الكلام: قيل: أيّ هذين الأمرين كائنٌ؟ هذا أم هذا؟

* * *

قال أبو جعفر: والصواب من القرَاءة عندنا في ذلك:"أم تقولون""بالتاء" دون"الياء" عطفًا على قوله:"قل أتحاجُّوننا"، بمعنى: أيّ هذين الأمرين تفعلون؟ أتجادلوننا في دين الله، فتزعمون أنكم أولى منا وأهدى منا سبيلا -وأمرنا وأمركم ما وصفنا، على ما قد بيناه آنفًا (١) - أمْ تزعمون أنّ إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوبَ، ومن سَمَّى الله، كانوا هُودًا أو نصارَى على ملتكم، فيصحّ للناس بَهتكم وكذبكم، (٢) لأن اليهودية والنصرانية حدثت بعد هؤلاء الذين سماهم الله من أنبيائه. وغير جائزة قراءة ذلك ب"الياء"، لشذوذها عن قراءة القراء.

* * *

وهذه الآية أيضًا احتجاجٌ من الله تعالى ذكره لنبيّه صلى الله عليه وسلم على اليهود والنصارى، الذين ذكر الله قَصَصهم. يقول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قُلْ يا محمد -لهؤلاء اليهود والنصارى-: أتحاجُّوننا في الله، وتزعمون أن دينكم أفضلُ من ديننا، وأنكم على هدى ونحنُ على ضَلالة، ببرهان من الله تعالى ذكره، فتدعوننا إلى دينكم؟ فهاتوا برهانكم على ذلك فنتبعكم عليه، أم تقولون: إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوبَ والأسباط كانوا هودًا أو نَصَارَى على دينكم؟ فهاتُوا -على دعواكم ما ادّعيتم من ذلك- برهانًا فنصدِّقكم، فإن الله قد جَعلهم أئمة يقتدى بهم.


(١) في المطبوعة: "أيضًا"، والصواب ما أثبت.
(٢) أخشى أن يكون الصواب"فيتضح للناس"، والذي في الأصل لا بأس به.

<<  <  ج: ص:  >  >>