حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ) قال: القرآن. قال: هذا كله إنما هو في القلب. قال: والسمع والبصر في القلب. وقرأ (فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) وليس ببصر الدنيا ولا بسمعها.
وقوله:(وَهُدًى) يقول: ورشاد (وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) بحقيقة صحة هذا القرآن، وأنه تنزيل من الله العزيز الحكيم. وخصّ جلّ ثناؤه الموقنين بأنه لهم بصائر وهدى ورحمة، لأنهم الذين انتفعوا به دون من كذب به من أهل الكفر، فكان عليه عمى وله حزنا.
وقوله (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ) يقول تعالى ذكره: أم ظنّ الذين اجترحوا السيئات من الأعمال في الدنيا، وكذّبوا رسل الله، وخالفوا أمر ربهم، وعبدوا غيره، أن نجعلهم في الآخرة، كالذين آمنوا بالله وصدّقوا رسله وعملوا الصالحات، فأطاعوا الله، وأخلصوا له العبادة دون ما سواه من الأنداد والآلهة، كلا ما كان الله ليفعل ذلك، لقد ميز بين الفريقين، فجعل حزب الإيمان في الجنة، وحزب الكفر في السعير.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ) ... الآية، لعمري لقد تفرّق القوم في الدنيا، وتفرّقوا عند الموت، فتباينوا في المصير.
وقوله (سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ) اختلفت القرّاء في قراءة قوله (سَوَاء) فقرأت ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض قرّاء الكوفة (سَوَاءٌ) بالرفع، على أن الخبر متناه عندهم عند قوله (كَالَّذِينَ آمَنُوا) وجعلوا خبر قوله (أَنْ نَجْعَلَهُمْ قَوْلُهُ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) ، ثم ابتدءوا الخبر عن استواء حال محيا المؤمن ومماته، ومحيا الكافر ومماته، فرفعوا قوله:(سَوَاءٌ) على وجه الابتداء بهذا