للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا) [سورة طه: ٧٧] ، وقال زُهير بن أبي سُلمى في"الوسط":

هُمُ وَسَطٌ تَرْضَى الأنامُ بِحُكْمِهِمْ ... إذَا نزلَتْ إحْدَى الليَالِي بِمُعْظَمِ (١)

* * *

قال أبو جعفر: وأنا أرى أن"الوسط" في هذا الموضع، هو"الوسط" الذي بمعنى: الجزءُ الذي هو بين الطرفين، مثل"وسَط الدار" محرَّك الوَسط مثقَّله، غيرَ جائز في"سينه" التخفيف.

وأرى أن الله تعالى ذكره إنما وصفهم بأنهم"وسَط"، لتوسطهم في الدين، فلا هُم أهل غُلوٍّ فيه، غلوَّ النصارى الذين غلوا بالترهب، وقيلهم في عيسى ما قالوا فيه - ولا هُم أهلُ تقصير فيه، تقصيرَ اليهود الذين بدَّلوا كتابَ الله، وقتلوا أنبياءَهم، وكذبوا على ربهم، وكفروا به؛ ولكنهم أهل توسط واعتدال فيه. فوصفهم الله بذلك، إذ كان أحبَّ الأمور إلى الله أوْسطُها.

* * *

وأما التأويل، فإنه جاء بأن"الوسط" العدلُ. وذلك معنى الخيار، لأن الخيارَ من الناس عُدولهم.

ذكر من قال:"الوسطُ" العدلُ.

٢١٦٥- حدثنا سَلْم بن جُنادة ويعقوب بن إبراهيم قالا حدثنا حفص بن غياث، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله


(١) كأنه من قصيدته المعلقة، ديوانه ٢: ٢٧، ولكن رواية صدر البيت في الديوان: لِحَيٍّ حِلاَلٍ يَعْصِمُ النَّاسَ أَمْرُهُمْ
ولم أجد هذه الرواية فيما طبع من روايات ديوانه. ولكن البيت بهذه الرواية أنشده الجاحظ في البيان ٣: ٢٢٥ غير منسوب. وهو منسوب إلى زهير في أساس البلاغة"وسط". ورواية الديوان، والجاحظ: "إذا طرقت إحدى الليالي". وهما سواء.

<<  <  ج: ص:  >  >>