يقول تعالى ذكره: أفلا يتدبر هؤلاء المنافقون مواعظ الله التي يعظهم بها في آي القرآن الذي أنزله على نبيه عليه الصلاة والسلام، ويتفكَّرون في حُججه التي بيَّنها لهم في تنزيله فيعلموا بها خطأ ما هم عليه مقيمون (أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) يقول: أم أقفل الله على قلوبهم فلا يعقلون ما أنزل الله في كتابه من المواعظ والعِبَر.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) إذا والله يجدون في القرآن زاجرا عن معصية الله، لو تدبره القوم فعقلوه، ولكنهم أخذوا بالمتشابه فهلكوا عند ذلك.
حدثنا إسماعيل بن حفص الأيلي، قال: ثنا الوليد بن مسلم، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن مَعدان، قال: ما من آدميّ إلا وله أربع أعين: عينان في رأسه لدنياه، وما يصلحه من معيشته، وعينان في قلبه لدينه، وما وعد الله من الغيب، فإذا أراد الله بعبد خيرا أبصرت عيناه اللتان في قلبه، وإذا أراد الله به غير ذلك طَمسَ عليهما، فذلك قوله (أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) .
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا ثور بن يزيد، قال: ثنا خالد بن معدان، قال: ما من الناس أحد إلا وله أربع أعين، عينان في وجهه لمعيشته، وعينان في قلبه، وما من أحد إلا وله شيطان متبطن فقار ظهره، عاطف عنقه على عنقه، فاغر فاه إلى ثمرة قلبه، فإذا أراد الله بعبد خيرا أبصرت عيناه اللتان في قلبه ما وعد الله من الغيب، فعمل به، وهما غيب،