للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المشركون من أهل مكة: تَحيَّر على محمد دينُهُ، فتوجه بقبلته إليكم، وعلم أنكم كنتم أهدى منه، ويوشك أنْ يدخل في دينكم! فأنزل الله جل ثناؤه في المنافقين:"سَيقول السفهاء من الناس مَا ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها" إلى قوله:"وإنْ كانتْ كبيرةً إلا على الذين هَدى الله"، وأنزل في الآخرين الآيات بعدها. (١)

٢٢٠٥- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال، قلت لعطاء:"إلا لنعلمَ من يتَّبع الرسول ممن ينقلبُ على عَقبيه"؟ فقال عطاء: يبتليهم، ليعلم من يُسلم لأمره. قال ابن جريج: بلغني أنّ ناسًا ممن أسلم رَجعوا فقالوا: مرة هاهنا ومرة هاهنا!

* * *

قال أبو جعفر: فإن قال لنا قائل: أوَ مَا كان الله عالمًا بمن يتَّبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه، إلا بعد اتباع المتّبع، وانقلاب المنقلب على عقبيه، حتى قال: ما فعلنا الذي فعلنا من تحويل القبلة إلا لنعلم المتّبعَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم من المنقلب على عقبيه؟

قيل: إن الله جل ثناؤه هو العالم بالأشياء كلها قَبل كونها، وليس قوله:"وما جعلنا القبلةَ التي كنتَ عليها إلا لنعلمَ من يتَّبع الرسول ممن يَنقلب على عَقبيه" يخبر [عن] أنه لم يعلم ذلك إلا بعد وجُوده. (٢)

فإن قال: فما معنى ذلك؟

قيل له: أما معناه عندنا، فإنه: وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا ليعلم رَسولي وحزبي وأوليائي مَنْ يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه، فقال جل ثناؤه:"إلا لنعلم"، ومعناه: ليعلمَ رَسولي وأوليائي. إذْ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم


(١) الأثر: ٢٢٠٤- مضى بعضه في رقم: ٢١٦٤، وهو في الدر المنثور ١: ١٤٢-١٤٣.
(٢) في المطبوعة: "يخبر أنه لم يعلم ذلك. . . "، والصواب ما أثبت، مع الزيادة بين القوسين.

<<  <  ج: ص:  >  >>