ثم تاب منها، وراجع الحقّ، فنهى الله أن يعير بما سلف من عمله.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، قال: قال الحسن: كان اليهودي والنصرانيّ يسلم، فيلقب فيقال له: يا يهوديّ، يا نصراني، فنهوا عن ذلك.
والذي هو أولى الأقوال في تأويل ذلك عندي بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره نهى المؤمنين أن يتنابزوا بالألقاب؛ والتنابز بالألقاب: هو دعاء المرء صاحبه بما يكرهه من اسم أو صفة، وعمّ الله بنهية ذلك، ولم يخصص به بعض الألقاب دون بعض، فغير جائز لأحد من المسلمين أن ينبز أخاه باسم يكرهه، أو صفة يكرهها. وإذا كان ذلك كذلك صحت الأقوال التي قالها أهل التأويل في ذلك التي ذكرناها كلها، ولم يكن بعض ذلك أولى بالصواب من بعض، لأن كلّ ذلك مما نهى الله المسلمين أن ينبز بعضهم بعضا.
وقوله (بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ) يقول تعالى ذكره: ومن فعل ما نهينا عنه، وتقدّم على معصيتنا بعد إيمانه، فسخر من المؤمنين، ولمز أخاه المؤمن، ونبزه بالألقاب، فهو فاسق (بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ) يقول: فلا تفعلوا فتستحقوا إن فعلتموه أن تسموا فساقا، بئس الاسم الفسوق، وترك ذكر ما وصفنا من الكلام، اكتفاء بدلالة قوله (بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ) عليه.
وكان ابن زيد يقول في ذلك ما حدثنا به يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، وقرأ (بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ) قال: بئس الاسم الفسوق حين تسميه بالفسق بعد الإسلام، وهو على الإسلام. قال: وأهل هذا الرأي هم المعتزلة، قالوا: لا نكفره كما كفره أهل الأهواء، ولا نقول له مؤمن كما قالت الجماعة، ولكنا نسميه باسمه إن كان سارقا فهو سارق، وإن كان خائنا سموه خائنا; وإن كان زانيا سموه زانيا قال: فاعتزلوا الفريقين أهل الأهواء وأهل الجماعة، فلا بقول هؤلاء قالوا، ولا بقول هؤلاء، فسموا بذلك المعتزلة.