وينجو منها الصادق، ففعلوا، فعلق الفتية مصاحفهم في أعناقهم، ثم غدوا إلى النار، فلما ذهبوا أن يدخلوها، سفعت النار في (١) وجوههم، فنكصوا عنها، فقال لهم تبَّع: لتدخلنها; فلما دخلوها أفرجت عنهم حتى قطعوها، وأنه قال لقومه ادخلوها; فلما ذهبوا يدخلونها سفعت النار وجوههم، فنكصوا عنها، فقال لهم تبَّع: لتدخلنها، فلما دخلوها أفرجت عنهم، حتى إذا توسطوا أحاطت بهم، فأحرقتهم، فأسلم تُبع، وكان تُبَّع رجلا صالحا.
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن أبي مالك بن ثعلبة بن أبي مالك القرظي، قال: سمعت إبراهيم بن محمد القرظي، قال: سمعت إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبد الله يحدّث " أن تبعا لما دنا من اليمن ليدخلها، حالت حِمْيَر بينه وبين ذلك، وقالوا لا تدخلها علينا، وقد فارقت ديننا فدعاهم إلى دينه، وقال: إنه دين خير من دينكم، قالوا: فحاكمنا إلى النار، قال نعم، قال: وكانت في اليمن فيما يزعم أهل اليمن نار تحكم فيما بينهم فيما يختلفون فيه، تأكل الظالم ولا تضرّ المظلوم، فلما قالوا ذلك لتبَّع، قال: أنصفتم، فخرج قومه بأوثانهم، وما يتقرّبون به في دينهم قال: وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما متقلديهما، حتى قعدوا للنار عند مخرجها التي تخرج منه، فخرجت للنار إليهم، فلما أقبلت نحوهم حادوا عنها وهابوها، فرموهم من حضرهم من الناس، وأمروهم بالصبر لها، فصبروا حتى غشيتهم فأكلت الأوثان وما قرّبوا معها، ومن حمل ذلك من رجال حِمْيَر وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما، تعرق جباههما لم تضرّهما، فأطبقت حِمْيَر، عند ذلك على دينه، فمن هنالك وغير ذلك كان أصل اليهودية باليمن ".
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق عن بعض أصحابه أن الحَبرين، ومن خرج معهما من حِمْيَر، إنما اتبعوا النار ليردّوها، وقالوا:
(١) كذا في الأصل، وسيجيء نظيره قريبًا بإسقاط (في) من الكلام. ولعله زاد (في) على التضمين.