وقوله (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) يقول تعالى ذكره: ما يلفظ الإنسان من قول فيتكلم به، إلا عندما يلفظ به من قول رقيب عَتيد، يعني حافظ يحفظه، عتيد مُعَدُّ.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ) فال: عن اليمين الذي يكتب الحسنات، وعن الشمال الذي يكتب السيئات.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم التيميّ، في قوله (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ) قال: صاحب اليمين أمِير أو أمين على صاحب الشمال، فإذا عمل العبد سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال: أمسك لعله يتوب.
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا حكام، قال: ثنا عمرو، عن منصور، عن مجاهد (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ) قال ملك عن يمينه، وآخر عن يساره، فأما الذي عن يمينه فيكتب الخير، وأما الذي عن شماله فيكتب الشرّ.
قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، قال: مع كل إنسان مَلكان: ملك عن يمينه، وملك عن يساره; قال: فأما الذي عن يمينه، فيكتب الخير، وأما الذي عن يساره فيكتب الشرّ.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) ... إلى (عَتِيدٌ) قال: جعل الله على ابن آدم حافظين في الليل، وحافظين في النهار، يحفظان عليه عمله، ويكتبان أثره.