(وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) يقول: وما أنت عليهم بمسلط.
كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم. قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) قال: لا تتجبر عليهم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) فإن الله عزّ وجلّ كره الجبرية، ونهى عنها، وقدّم فيها. وقال الفرّاء: وضع الجبار في موضع السلطان من الجبرية; وقال: أنشدني المفضل:
قال: وقيل: إن معنى قوله (وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) لم تُبعث لتجْبُرَهم على الإسلام، إنما بعثت مذكِّرا، فذكِّر. وقال: العرب لا تقول فعال من أفعلت، لا يقولون: هذا خراج، يريدون: مُخْرِج، ولا يقولون: دخَال، يريدون: مُدْخِل، إنما يقولون: فعال، من فعلت; ويقولون: خراج، من
(١) البيتان من شواهد الفراء في معاني القرآن (الورقة ٣١٠) رواهما عن المفضل، ولم أجدهما في المفضليات. والبيت الأول قد سبق استشهاد المؤلف به عند قوله تعالى: " إن الدين عند الله الإسلام " (٢: ٢١١) من هذه الطبعة. والشاهد هنا في البيت الثاني في كلمة " الجبار " يريد به الملك المسلط. وقال الفراء: وقوله " وما أنت عليهم بجبار ": يقول: لست عليهم بمسلط. جعل الجبار في موضع السلطان من الجبرية. قال: أنشدني المفضل: " ويوم الحزن ... البيتين ". قال: وقال الكلبي بإسناده: " لست عليهم بجبار " يقول: لم تبعث لتجبرهم على الإسلام والهدى إنما بعثت مذكرًا فذكر، وذلك قبل أن يؤمر بقتالهم. والعرب لا تقول فعال من أفعلت، لا يقولون هذا إخراج ولا دخال، يريدون مدخل ولا مخرج من أدخلت وأخرجت؛ إنما يقولون دخال من دخلت وفعال من فعلت وقد قالت العرب: دراك من أدركت، وهو شاذ. فإن حملت الجبار على هذا المعنى فهو وجه. وقد سمعت بعض العرب يقول جبره على الأمر، يريد أجبره. فالجبار: من هذه اللغة صحيح، يراد به: يقهرهم ويجبرهم.