الضحاك يقول في قوله (مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) الهجوع: النوم.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) قال: كانوا قليلا ما ينامون من الليل، قال: ذاك الهجع. قال: والعرب تقول: إذا سافرت اهجع بنا قليلا. قال: وقال رجل من بني تميم لأبي: يا أبا أسامة صفة لا أجدها فينا، ذكر الله تبارك وتعالى قوما فقال:(كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) ونحن والله قليلا من الليل ما نقوم; قال: فقال أبي طُوبى لمن رقد إذا نعس; وألقى الله إذا استيقظ.
وأولى الأقوال بالصحة في تأويل قوله (كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) قول من قال: كانوا قليلا من الليل هجوعهم، لأن الله تبارك وتعالى وصفهم بذلك مدحا لهم، وأثنى عليهم به، فوصفهم بكثرة العمل، وسهر الليل، ومكابدته فيما يقربهم منه ويرضيه عنهم أولى وأشبه من وصفهم من قلة العمل، وكثرة النوم، مع أن الذي اخترنا في ذلك هو أغلب المعاني على ظاهر التنزيل.
وقوله (وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) اختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم: معناه: وبالأسحار يصلون.
* ذكر من قال ذلك:
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) يقول: يقومون فيصلون، يقول: كانوا يقومون وينامون، كما قال الله لمحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ) فهذا نوم، وهذا قيام (وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ) كذلك يقومون ثلثا ونصفا وثلثين: يقول: ينامون ويقومون.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن جبلة بن سحيم، عن ابن عمر، قوله (وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) قال: يصلون.