للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٤٨) }

قال أبو جعفر: ومعنى قوله:"أينما تكونوا يأت بكم الله جميعًا"، في أيّ مكان وبقعة تهلكون فيه، (١) يأت بكم الله جميعًا يوم القيامة، إن الله على كل شيء قدير، كما:-

٢٢٩١- حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع:"أينما تكونوا يَأت بكمُ الله جميعًا"، يقول: أينما تكونوا يأت بكم الله جميعًا يوم القيامة.

٢٢٩١م- حدثنا موسى قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"أينما تكونوا يَأت بكم الله جميعًا"، يعني: يومَ القيامة.

* * *

قال أبو جعفر: وإنما حضَّ الله عز وجل المؤمنين بهذه الآية على طاعته والتزوُّد في الدنيا للآخرة، فقال جل ثناؤه لهم: استبقوا أيها المؤمنون إلى العمل بطاعة ربكم، ولزوم ما هداكم له من قبلة إبراهيم خليله وشرائع دينه، فإن الله تعالى ذكره يأتي بكم وبمن خالفَ قبلكم ودينكم وشريعتكم جميعًا يوم القيامة، من حيث كنتُم من بقاع الأرض، حتى يوفِّيَ المحسنَ منكم جزاءه بإحسانه، (٢) والمسيء عقابه بإساءته، أو يتفضّل فيصفح.

* * *

وأما قوله:"إنّ الله على كل شيء قدير"، فإنه تعالى ذكره يعني: إنّ الله تعالى على جَمْعكم -بعد مماتكم- من قبوركم إليه، من حيث كنتم وكانت قبوركم كمن وعلى غير ذلك مما يشاء، قديرٌ. (٣) فبادروا خروجَ أنفسكم بالصالحات من الأعمال قبل مماتكم ليومَ بعثكم وَحشركم.

* * *


(١) انظر القول في تفسير"أينما" في معاني القرآن للفراء ١: ٨٥-٨٩.
(٢) في المخطوطة: "حتى يؤتي المحسن منكم جزاءه"، ولا بأس بها.
(٣) في المطبوعة: "من قبوركم من حيث كنتم وعلى غير ذلك"، أسقط منها الناسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>