للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ) ، وهذا بيان من الله عن الأزواج الثلاثة، يقول، جلّ ثناؤه: وكنتم أزواجًا ثلاثة: أصحاب الميمنة، وأصحاب المشأمة، والسابقون، فجعل الخبر عنهم، مغنيا عن البيان عنهم، على الوجه الذي ذكرنا، لدلالة الكلام على معناه، فقال: (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ) يعجِّب نبيه محمدا منهم، وقال: (مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ) الذين يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة، أيّ شيء أصحاب اليمين، (وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ) يقول تعالى ذكره: وأصحاب الشمال الذين يؤخذ بهم ذات الشمال إلى النار، والعرب تسمي اليد اليسرى: الشؤمي؛ ومنه قول أعشى بني ثعلبة:

فأنْحَى على شُّؤْمَي يَدَيه فَذادَها بأظْمأَ مِنْ فَرْع الذُّوَابَةِ أسْحَما (١)

وقوله: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) وهم الزوج الثالث وهم الذين سبقوا إلى الإيمان بالله ورسوله، وهم المهاجرون الأوّلون.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عبيد الله، يعني العتكي، عن عثمان بن عبد الله بن سُراقة، قوله: (وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً) قال: اثنان في الجنة وواحد في النار، يقول: الحور العين للسابقين، والعُرُب الأتراب


(١) البيت لأعشى بني قيس بن ثعلبة (ديوانه طبع القاهرة ٢٩٥) من قصيدة يمدح بها إياس بن قبيصة الطائي. ورويت في مدح قيس ابن معد يكرب. وأنحى: اعتمد، يقال: أنحى البعير: اعتمد في سيره على أيسره. واليد الشؤمى: اليسرى. وأظمأ: أسمر ذابل.
والفرع: الشعر. والذؤابة: شعر الناصية. وأسحم: أسود. يصف ثورا اجتمعت عليه كلاب الصيد، فذادها عنه بقرنه الذابل المحدد، وهو أشد سوادا من خصلة الشعر. والشاهد في قوله شؤمى يديه أي يسراهما. وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن عند قوله تعالى (وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة) : أصحاب الميسرة، ويقال لليد اليسرى: الشؤمى؛ ويقال هو الجانب الأيسر. وسميت اليمن لأنها عن يمين الكعبة، والشأم أنها عن شمال الكعبة. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>