فعلت ذلك؛ ليعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على شيء من فضل الله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ) ... الآية، قال: لما نزلت هذه الآية، حسد أهل الكتاب المسلمين عليها، فأنزل الله عزّ وجلّ (لِئَلا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلا يَقْدِرُونَ) ... الآية، قال: ذُكر لنا أن نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان يقول: "إنَّما مَثَلُنا وَمَثَلُ أهْل الكتابَيْن قَبْلَنا، كمَثَل رَجُلٍ اسْتأجَرَ أُجُرَاءَ، يَعْمَلُونَ إلى اللَّيْلِ على قيرَاطٍ، فَلَمَّا انْتَصَفَ النهارُ سَئمُوا عَمَلَهُ وَمَلُّوا، فحاسَبَهُمْ، فأعَطَاهُمْ عَلى قَدْرِ ذَلكَ، ثُمَّ اسْتأجَرَ أُجُرَاءَ إلىَ اللَّيْلِ عَلى قِيرَاطَيْن، يَعْمَلُونَ لَهُ بَقيةَ عَمَلِهِ، فَقِيلَ لَهُ ما شأنُ هَؤُلاءِ أقَلَّهُمْ عَمَلا وأكْثرهُمْ أجْرًا؟ قال: مالي أُعْطِي مَنْ شِئْتُ، فأرْجُو أنْ نَكون نَحْنُ أصحاب القِيرَاطَينِ".
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ) قال: بلغنا أنها حين نزلت حسد أهل الكتاب المسلمين، فأنزل الله (لِئَلا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) .
حدثنا أبو عمار، قال: ثنا الفضل بن موسى، عن سفيان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبَير عن ابن عباس (لِئَلا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ) : الذين يتسمعون (أَلا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) .
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، مثله.
وقيل (لِئَلا يَعْلَمَ) إنما هو ليعلم: وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله (لِكَيْ يَعْلَمَ أهْلُ الكِتابِ ألا يَقْدِرُونَ) ، لأن العرب تجعل "لا" صلة في كلّ كلام دخل في أوّله أو آخره جحد غير مصرّح، كقوله في الجحد السابق، الذي لم يصرّح