يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى) من اليهود، (ثُمَّ يَعُودُونَ) ، فقد نهى الله عز وجل إياهم عنها، ويتناجون بينهم بالإثم والعدوان ومعصية الرسول.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله:(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى) قال: اليهود.
قوله:(ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ) يقول جلّ ثناؤه: ثم يرجعون إلى ما نهوا عنه من النجوى، (وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ) يقول جلّ ثناؤه: ويتناجون بما حرّم الله عليهم من الفواحش والعدوان، وذلك خلاف أمر الله، ومعصية الرسول محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله:(وَيَتَنَاجَوْنَ) فقرأت ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين والبصريين (وَيَتَنَاجَوْنَ) على مثال يتفاعلون، وكان يحيى وحمزة والأعمش يقرءون (وَيَنْتَجُونَ) على مثال يفتعلون. واعتلّ الذين قرءوه (يَتَنَاجَوْنَ) بقوله: (إِذَا تَنَاجَيْتُمْ) ولم يقل: إذا انتجيتم.
وقوله:(وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: وإذا جاءك يا محمد هؤلاء الذين نهوا عن النجوى، الذين وصف الله جلّ ثناؤه صفتهم، حيوك بغير التحية التي جعلها الله لك تحية، وكانت تحيتهم التي كانوا يحيونه بها، التي أخبر الله أنه لم يحيه بها فيما جاءت به الأخبار، أنهم كانوا يقولون: السام عليك.
ذكر الرواية الواردة بذلك:
حدثنا ابن حُميد وابن وكيع قالا ثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة قالت: "جاء ناس