وقال آخرون: عنى بذلك الغنيمة التي أوجف عليها المسلمون بالخيل والركاب، وأخذت بالغلبة، وقالوا كانت الغنائم في بدوّ الإسلام لهؤلاء الذين سماهم الله في هذه الآيات دون المرجفين عليها، ثم نسخ ذلك بالآية التي في سورة الأنفال.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله:(مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) قال: كان الفيء في هؤلاء، ثم نسخ ذلك في سورة الأنفال، فقال:(وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) فنسخت هذه ما كان قبلها في سورة الأنفال، وجعل الخمس لمن كان له الفيء في سورة الحشر، وكانت الغنيمة تقسم خمسة أخماس، فأربعة أخماس لمن قاتل عليها، ويقسم الخمس الباقي على خمسة أخماس، فخمس لله وللرسول، وخمس لقرابة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في حياته، وخمس لليتامى، وخمس للمساكين، وخمس لابن السبيل؛ فلما قضى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وجه أَبو بكر وعمر رضي الله عنهما هذين السهمين: سهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وسهم قرابته، فحملا عليه في سبيل الله صدقة عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
وقال آخرون: عنى بذلك: ما صالح عليه أهل الحرب المسلمين من أموالهم، وقالوا: قوله: (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) ... الآيات، بيان قسم المال الذي ذكره الله في الآية التي قبل هذه الآية، وذلك قوله:(مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ) وهذا قول كان يقوله بعض المتفقهة من المتأخرين.
والصواب من القول في ذلك عندي أن هذه الآية حكمها غير حكم الآية