للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومعنى قوله:"وَلنبلونكم"، ولنختبرنكم. وقد أتينا على البيان عن أن معنى"الابتلاء" الاختبار، فيما مضى قبل. (١)

* * *

وقوله:"بشيء من الخوف"، يعني من الخوف من العدو، وبالجوع -وهو القحط- يقول: لنختبرنكم بشيء من خوف ينالكم من عدوكم وبسَنه تُصيبكم ينالكم فيها مجاعة وشدة، وتتعذر المطالب عليكم، (٢) فتنقص لذلك أموالكم، وحروبٌ تكون بينكم وبين أعدائكم من الكفار، فينقص لها عددكم، وموتُ ذراريكم وأولادكم، وجُدوب تحدُث، فتنقص لها ثماركم. كل ذلك امتحان مني لكم، واختبار مني لكم، فيتبين صادقوكم في إيمانهم من كاذبيكم فيه، ويُعرف أهل البصائر في دينهم منكم، من أهل النفاق فيه والشك والارتياب.

كل ذلك خطابٌ منه لأتباع رَسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، كما:

٢٣٢٦- حدثني هارون بن إدريس الكوفيّ الأصم قال، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن عبد الملك، عن عطاء في قوله:"ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع" قال، هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. (٣)

* * *

وإنما قال تعالى ذكره:"بشيء من الخوف" ولم يقل بأشياء، لاختلاف أنواع ما أعلم عبادَه أنه مُمتحنهم به. فلما كان ذلك مختلفًا - وكانت"مِن" تَدلّ على أنّ كل نوع منها مُضمر"شيء"، فإنّ معنى ذلك: ولنبلونكم بشيء من الخوف، وبشيء من الجوع، وبشيء من نقص الأموال - اكتفى بدلالة ذكر"الشيء" في أوله، من إعادته مع كل نوع منها.

ففعل تعالى ذكره كل ذلك بهم، وامتحنهم بضروب المحَن، كما:-

٢٣٢٧- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر،


(١) انظر ما سلف ٢: ٤٨، ٤٩، ثم هذا الجزء ٣: ٧.
(٢) في المطبوعة: "وتعذر المطالب" والصواب ما أثبت.
(٣) الخبر: ٢٣٢٦- سبق هذا الإسناد: ١٤٥٥، ولما نعرف شيخ الطبري فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>