* والصواب من القول عندي في ذلك أنهما قرءاتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
وقوله:(بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ) يقول جلّ ثناؤه: عداوة بعض هؤلاء الكفار من اليهود بعضًا شديدة (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا) يعني المنافقين وأهل الكتاب، يقول: تظنهم مؤتلفين مجتمعة كلمتهم، (وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) يقول: وقلوبهم مختلفة لمعاداة بعضهم بعضًا.
وقوله:(ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) يقول جلّ ثناؤه: هذا الذي وصفت لكم من أمر هؤلاء اليهود والمنافقين، وذلك تشتيت أهوائهم، ومعاداة بعضهم بعضًا من أجل أنهم قوم لا يعقلون ما فيه الحظّ لهم مما فيه عليهم البخس والنقص.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:(لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) قال: تجد أهل الباطل مختلفة شهادتهم، مختلفة أهواؤهم، مختلفة أعمالهم، وهم مجتمعون في عداوة أهل الحقّ.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، قوله:(تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) قال: المنافقون يخالف دينهم دين النضير.
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) قال: هم المنافقون وأهل الكتاب.