يتكلمن، قالت هند وهي متنكرة: كيف يقبل من النساء شيئًا لم يقبله من الرجال؟ فنطر إليها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وقال لعمر: قُلْ لَهُنَّ وَلا يسْرِقْنَ، قالت هند: والله إني لأصيب من أبى سفيان الهنات (١) وما أدري أيحلهن لي أم لا قال أبو سفيان: ما أصبت من شيء مضى، أو قد بقي، فهو لك حلال فضحك رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وعرفها، فدعاها فأتته، فأخذت بيده، فعاذت به، فقال: أنْتِ هنْدٌ، فقالت: عفا الله عما سلف، فصرف عنها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال (وَلا يَزْنِينَ) فقالت: يا رسول الله وهل تزني الحرة؟ قال: لا والله ما تَزْنيِ الحُرة؛ قال: وَلا يَقْتُلْنَ أولادَهُن، قالت هند: أنت قتلتهم يوم بدر فأنت وهم أبصر؛ قال: وَلا يَأتِينَ بِبُهتانٍ يفْترِينهُ بَينَ أيْدِيهن وأرْجلهِنَ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ؛ قال: منعهن أن ينحن، وكان أهل الجاهلية يمزقن الثياب وَيخدِشْن الوجوه، ويقطِّعن الشعور؛ ويدعون بالثُّبور والويل".
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ) حتى بلغ (فَبَايِعْهُنَّ) ذُكر لنا أن نبي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أخذ عليهن يومئذ النياحة، ولا تحدثن الرجال، إلا رجلا منكن مَحْرَما، فقال عبد الرحمن بن عوف: يا نبي الله إن لنا أضيافا، وأنا نغيب عن نسائنا؛ قال: فقال رسول الله: "لَيْسَ أُولَئِكَ عَنَيْتُ".
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) قال: هو النوح أُخِذ عليهن لا ينحن، ولا يخلُونَّ بحديث الرجال إلا مع ذي محْرم؛ قال: فقال عبد الرحمن بن عوف: إنا نغيب ويكون لنا أضياف؛ قال: "وليس أولئك عنيت".
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا سليمان، قال: أخبرنا أَبو هلال، قال: ثنا قتادة، في قوله:(وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) قال: لا يحدثن رجلا.
(١) في ابن كثير (٦: ٢٠٧) : الهنة، بالإفراد، والهنة الشيء اليسير. وجمعها: هنات وهنوات