للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَتَرَى بالأرْضِ خُفًّا زائِلا ... فَإِذَا مَا صَادَفَ المَرْوَ رَضَح (١)

يعني ب"المرو": الصخرَ الصغار، ومن ذلك قول أبي ذؤيب الهذلي:

حَتَّى كأنِّي لِلْحَوَادِثِ مَرْوَةٌ ... بِصَفَا المُشَرِّقِ كُلَّ يَوْمٍ تُقْرَعُ (٢)

ويقال"المشقِّر".

* * *

وإنما عنى الله تعالى ذكره بقوله:"إنّ الصفا والمروة"، في هذا الموضع: الجبلين المسمَّيَين بهذين الاسمين اللذين في حَرَمه، دون سائر الصفا والمرو. ولذلك أدخل فيهما"الألف واللام"، ليعلم عباده أنه عنى بذلك الجبلين المعروفين بهذين الاسمين، دون سائر الأصفاء والمرْوِ.

* * *

وأما قوله:"منْ شَعائر الله"، فإنه يعني: من معالم الله التي جعلها تعالى ذكره لعباده مَعلمًا ومَشعَرًا يعبدونه عندها، إما بالدعاء، وإما بالذكر، وإما بأداء ما فرض عليهم من العمل عندها. ومنه قول الكميت:

نُقَتِّلُهُمْ جِيَلا فَجِيلا تَرَاهُمُ ... شَعَائِرَ قُرْبَانٍ بِهِمْ يُتَقَرَّبُ (٣)


(١) ديوانه: ١٦١، وفي الشطر الأول تصحيف لم أتبين صوابه، ورواية الديوان: وَتُولِّي الأَرْضَ خُفًّا مُجْمَرًا
وهو يصف ناقته وشدتها ونشاطها، والخف المجمر: هو الوقاح الصلب الشديد المجتمع، نكبته الحجارة فصلب. رضح الحصا والنوى رضحًا: دقه فكسره. يعني من شدة الخف وصلابته، وذلك محمود في الإبل.
(٢) ديوانه: ٣، والمفضليات: ٥٨٧، من قصيدة البارعة في رثاء أولاده، يقول عن المصائب المتتابعة تركته كهذه الصخرة التي وصف. والمشرق: المصلي بمنى. قال ابن الأنباري: "وإنما خص المشرق، لكثرة مرور الناس به". ثم قال: "ورواها أبو عبيدة: "المشقر": يعني سوق الطائف. يقول: كأني مروة في السوق يمر الناس بها، يقرعها واحد بعد واحد".
(٣) الهاشميات: ٢١، واللسان (شعر) ، وغيرهما. والضمير في قوله: "نقتلهم"، إلى الخوارج الذين عدد أسماءهم في بيتين قبل: عَلاَمَ إذًا زُرْنَا الزُّبَيْر وَنَافِعًا ... بغارتنا، بَعْدَ المقَانِبِ مِقْنَبُ
وَشَاطَ عَلَى أَرْمَاحِنَا بِادِّعَائِهَا ... وَتَحْوِيلهَا عَنْكُمْ شَبِيبٌ وقَعْنَبُ
والجيل: الأمة، أو الصنف من الناس. وفي المطبوعة واللسان: "تراهم" بالتاء، وهو خطأ. والشعائر هنا جمع شعيرة: وهي البدنة المهداة إلى البيت، وسميت بذلك لأنه يؤثر فيها بالعلامات. وإشعار البدن: إدماؤها بطعن أو رمي أو حديدة حتى تدمي.

<<  <  ج: ص:  >  >>