حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله:(يُبَصَّرُونَهُمْ) قال: يَعرف بعضهم بعضا، ويتعارفون بينهم، ثم يفرّ بعضهم من بعض، يقول:(لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) .
حدثني بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (يُبَصَّرُونَهُمْ) يعرفونهم يعلمون، والله ليعرِّفَنَّ قوم قوما، وأناس أناسا.
وقال آخرون: بل عني بذلك المؤمنون أنهم يبصرون الكفار.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:(يُبَصَّرُونَهُمْ) المؤمنون يبصرون الكافرين.
وقال آخرون: بل عني بذلك الكفار، الذين كانوا أتباعا لآخرين في الدنيا على الكفر، أنهم يعرفون المتبوعين في النار.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله:(يُبَصَّرُونَهُمْ) قال: يبصرون الذين أضلوهم في الدنيا في النار.
وأولى الأقوال في ذلك بالصحة، قول من قال: معنى ذلك: ولا يسأل حميم حميما عن شأنه، ولكنهم يبصرونهم فيعرفونهم، ثم يفرّ بعضهم من بعض، كما قال جلّ ثناؤه:(يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) .
وإنما قلنا ذلك أولى التأويلات بالصواب، لأن ذلك أشبهها بما دل عليه ظاهر التنزيل، وذلك أن قوله:(يُبَصَّرُونَهُمْ) تلا قوله: (وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا) ، فلأن تكون الهاء والميم من ذكرهم أشبه منها بأن تكون من ذكر غيرهم.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله:(وَلا يُسْأَلُ) فقرأ ذلك عامة قرّاة الأمصار سوى أبي جعفر القارئ وشَيبة بفتح الياء؛ وقرأه أبو جعفر وشيبة (وَلا يُسْئَلُ) بضم الياء، يعني: لا يقال لحميم أين حميمك؟ ولا يطلب بعضهم من بعض.