وما هو فاعل فيها بأهل الكفر تَذْكِرَةً يقول: عبرة وعظة لمن اعتبر بها واتعظ (فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا) يقول: فمن شاء من الخلق اتخذ إلى ربه طريقًا بالإيمان به، والعمل بطاعته.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ) يعني: القرآن (فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا) بطاعة الله.
وقوله: (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ) يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: إن ربك يا محمد يعلم أنك تقوم أقرب من ثلثي الليل مصليا، ونصفه وثلثه.
اختلفت القرّاء في قراءة ذلك: فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة بالخفض؛ ونصفه وثلثه بمعنى: وأدنى من نصفه وثلثه، إنكم لم تطيقوا العمل بما افترض عليكم من قيام الليل، فقوموا أدنى من ثلثي الليل ومن نصفه وثلثه. وقرأ ذلك بعض قرّاء مكة وعامة قرّاء الكوفة بالنصب، بمعنى: إنك تقوم أدنى من ثلثي الليل وتقوم نصفه وثلثه.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب وقوله: (وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ) يعني: من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كانوا مؤمنين بالله حين فرض عليهم قيام الليل.
وقوله: (وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) بالساعات والأوقات.
وقوله: (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ) يقول: علم ربكم أيها القوم الذين فرض عليهم قيام الليل أن لن تطيقوا قيامه (فَتَابَ عَلَيْكُمْ) إذ عجزتم وضعفتم عنه، ورجع بكم إلى التخفيف عنكم.
وبنحو الذي قلنا في معنى قوله: (أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ) قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا هشيم، عن عباد بن راشد، عن الحسن (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ) أن لن تطيقوه.
حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرني به عباد بن راشد، قال: سمعت الحسن يقول في قوله: (أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ) قال: لن تطيقوه.
حدثنا عن ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد (عَلِمَ أَنْ لَنْ