للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

محمد بن سلمة، عن خَصِيف عن مجاهد، في قوله: (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) قال: لا تضعف أن تستكثر من الخير، قال: تمنن في كلام العرب: تضعف.

وقال آخرون في ذلك: لا تمنن بالنبوّة على الناس، تأخذ عليه منهم أجرًا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) قال: لا تمنن بالنبوّة والقرآن الذي أرسلناك به تستكثرهم به، تأخذ عليه عوضا من الدنيا.

وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب في ذلك قول من قال: معنى ذلك: ولا تمنن على ربك من أن تستكثر عملك الصالح.

وإنما قلت ذلك أولى بالصواب، لأن ذلك في سياق آيات تقدم فيهنّ أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالجدّ في الدعاء إليه، والصبر على ما يَلْقَى من الأذى فيه، فهذه بأن تكون من أنواع تلك، أشبه منها بأن تكون من غيرها. وذُكر عن عبد الله بن مسعود أن ذلك في قراءته (ولا تمنن أن (١) تستكثر) .

وقوله: (وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ) يقول تعالى ذكره: ولربك فاصبر على ما لقيت فيه من المكروه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل على اختلاف فيه بين أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ) قال: على ما أوتيت.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ) قال: حمل أمرًا عظيما محاربة العرب، ثم العجم من بعد العرب في الله.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولربك فاصبر على عطيتك.


(١) الحديث ١٩٨ - بديل، بضم الباء الموحدة وفتح الدال المهملة: هو ابن ميسرة العقيلي، وهو تابعي ثقة. وهذه الرواية متصلة بإسناد صحيح. لأن عبد الله بن شقيق صرح فيها بانه أخبره "من سمع النبي صلى الله عليه وسلم "، وجهالة الصحابي لا تضر، كما هو معروف. والوصل بذكر الصحابي المبهم - زيادة من الثقة، فهي مقبولة.
وقد ذكر ابن كثير ١: ٥٤ - ٥٥ هذه الرواية الموصولة، ثم أشار إلى الروايات الثلاث المرسلة، ثم قال: " ووقع في رواية عروة تسمية: عبد الله بن عمرو، فالله أعلم". ولكنه لم يذكر من خرج رواية عروة التي يشير إليها. ثم قال ابن كثير: "وقد روى ابن مردويه من حديث إبراهيم بن طهمان عن بديل بن ميسرة عن عبد الله بن شقيق عن أبي ذر، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المغضوب عليهم، قال: اليهود، قلت: الضالين؟ قال: النصارى". وأشار الحافظ في الفتح ٨: ١٢٢ إلى رواية ابن مردويه هذه عن أبي ذر "بإسناد حسن". وذكر أيضًا أن رواية عبد الله بن شقيق الموصولة " أنه أخبره من سمع النبي صلى الله عليه وسلم" - رواها أحمد. وهذه الروايات أيضًا عند السيوطي ١: ١٦، والشوكاني ١: ١٤ - ١٥. وسيأتي تفسير (الضالين) بهذه الأسانيد ٢١٠، ٢١١، ٢١٢، ٢١٣. وسيأتي في ٢١١ بيان من عروة الذي في الإسناد ١٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>