للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حدثنا محمد بن عبيد، قال: ثنا ابن المبارك، عن سفيان عن سليمان التيمي، عن شبيب، عن أبي قلابة في قوله: (كَلا لا وَزَرَ) قال: لا حصن.

حدثنا أحمد بن هشام، قال: ثنا عبيد الله، قال: أخبرنا سفيان، عن سليمان التيمي، عن شبيب، عن أبي قلابة بمثله.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن سليمان التيمي، عن شبيب، عن أبي قلابة مثله.

قال (١) ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا مسلم بن طهمان، عن قتادة، في قوله: (لا وَزَرَ) يقول: لا حصن.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (لا وَزَرَ) قال: لا جبل.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن أبيه، عن مولى للحسن، عن سعيد بن جُبير (لا وَزَرَ) : لا حصن.

قال ثنا وكيع، عن أبي حجير، عن الضحاك: لا حصن.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (كَلا لا وَزَرَ) يعني: الجبل بلغة حِمْير.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (كَلا لا وَزَرَ) قال: لا مُتَغَيَّب يُتَغيب فيه من ذلك الأمر، لا منجَى له منه.

وقوله: (إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ) يقول تعالى ذكره: إلى ربك أيها الإنسان يومئذ الاستقرار، وهو الذي يقرّ جميع خلقه مقرّهم.

واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم نحو الذي قلنا فيه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ) قال: استقر أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار. وقرأ قول الله: (وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) .

وقال آخرون: عني بذلك إلى ربك المنتهى.


(١) استجاد أبو جعفر رضي الله عنه خير الرأي لحجته. والذي كتبه قبل، وما يأتي بعد، من أقوم ما قيل في شرح هذا الموضع الذي لجت فيه العقول والأقلام. وبيان ما قال أبو جعفر: إن قولك "اسم" في "بسم الله"، إنما هو اسم مصدر (أو اسم حدث) ، أي هو في الأصل اسم لما تفعل من تسميتك الشيء، مثل "الكلام" اسم حدث لما تفعل من التكليم، ومثل "العطاء" اسم حدث لما تفعل من الإعطاء، ومثل "الغسل"، اسم حدث لما تفعل من الاغتسال. وكأن أصله من قولك "سموت الشيء سموا"، فأماتوا فعله الثلاثي وبقي مصدره، "سمو"، فحذفوا واوه المتطرفة، فصار "سم" فأعاضوه منها ألفًا في أوله، فصار "اسم"، كما كان قولك: "كلام" من فعل ثلاثي هو "كلم كلامًا"، على مثال "ذهب ذهابًا"، فأماتوا الفعل الثلاثي وبقي مصدره "كلام"، فجعلوه اسم حدث لما تفعل من التكليم، ثم أخرجوا مصدر الرباعي على مخرج اسم هذا الحدث، فقالوا: "كلم يكلم كلامًا"، بمعنى "كلم يكلم تكليمًا".
فكذلك فعلوا في قولهم "سمى يسمى تسمية": أخرجوا لهذا الرباعي مصدرًا على مخرج اسم الحدث وهو "اسم"، فقالوا: "سمى يسمى اسمًا"؛ بمعنى "سمى يسمى تسمية". فقولك "كلام" بمعنى "تكليم" وقولك "اسم" بمعنى "تسمية" صُدِّرا على مخارج أسماء الأحداث. وإذن فالمضاف إلى اسمه تعالى في قولك "بسم الله" وأشباهها، إنما هو مصدر صدر على مخرج اسم الحدث، وهو اسم، من فعل رباعي هو "سمى يسمي"، فكان بمعنى مصدره وهو "تسمية". وهو في هذا المكان وأمثاله بمعنى المصدر "تسمية"، لا بمعنى اسم الحدث لما تفعل من التسمية. (انظر: ١٢٣- ١٢٤، كلام الطبري في "أله") .
وهذا الذي قاله أبو جعفر رضي الله عنه أبرع ما قيل في شرح هذا الحرف من كلام العرب. وقد أحسن النظر وأدقه، حتى خفي على جلة العلماء الذين تكلموا في شرح معنى "اسم" في "بسم الله" وأشباهها، فأغفلوه إغفالا لخفائه ووعورة مأتاه، وإلفهم للكلام في الذي افتتحوه من القول في "الاسم"، أهو المسمى أم غيره، أم هو صفة له، وما رسمه وما حده؟ وهذا باب غير الذي نحن فيه، فخلطوا فيه خلطًا، فجاء الطبري فمحص الحق تمحيصًا، وهو أرجح الآراء عندنا وأولاها بالتقديم، لمن وفق لفهمه، كما يقول أبو جعفر غفر الله له. وسيذكر بعد من الحجة ما يزيد المعنى وضوحًا وبيانًا. ولولا خوف الإطالة، لأتيت بالشواهد على ترجيح قول الطبري الذي أغفلوه، على كل رأي سبقه أو أتى بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>