(٢) الأول بغير شك أولى الأقوال بالصواب. فإنه كان قد أمر ابنتيه - كما قدمنا في أبياته السالفة، أن تقوما لتنوحا عليه بما أمرهما من ندبه وتأبينه ورثائه، وأن تفعلا ذلك منذ يموت إلى أن يحول عليه الحول، فلا معنى بعد أن يلقي السلام عليهما، أي تحية المفارق، بعد الحول، فقد فارقهما منذ حول كامل. وأولى به أن يدعو لهما، أو يستكفهما عما أمرهما به، إذ قضتا ما أمرهما على الوجه الذي أحب، "ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر"، كأنه قال: كفا عندئذ عما أمرتكما، فإن من بكى حولا فقد بلغ أقصى ما يسعه العذر. فسياق الشعر يقطع بترجيح ما ذهب إليه الطبري عامة، وإلى الجزم بأن معنى "ثم اسم السلام عليكما" هو: الزما ذكر الله، ودعا ذكرى، والبكاء علي، والوجد بي.