قال أنس: فرأيته يوم القادسية عليه درع، ومعه راية سوداء.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (عَبَسَ وَتَوَلَّى) تصدّى رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل من مشركي قريش كثير المال، ورجا أن يؤمن، وجاء رجل من الأنصار أعمى يقال له: عبد الله بن أمّ مكتوم، فجعل يسأل نبيّ الله صلى الله عليه وسلم فكرهه نبيّ الله صلى الله عليه وسلم وتولى عنه، وأقبل على الغنيّ، فوعظ الله نبيه، فأكرمه نبيّ الله صلى الله عليه وسلم، واستخلفه على المدينة مرّتين في غزوتين غزاهما.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، وسألته عن قول الله عزّ وجلّ:(عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الأعْمَى) قال: جاء ابن أمّ مكتوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقائده يبصر، وهو لا يبصر، قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم يشير إلى قائده يكفّ، وابن أمّ مكتوم يدفعه ولا يُبصر؛ قال: حتى عبس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعاتبه الله في ذلك، فقال:(عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الأعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ... ) إلى قوله: (فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى) قال ابن زيد: كان يقال: لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كَتَمَ من الوحي شيئا، كتم هذا عن نفسه، قال: وكان يتصدّى لهذا الشريف في جاهليته رجاء أن يسلم، وكان عن هذا يتلَّهى.
وقوله:(وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وما يدريك يا محمد لعلّ هذا الأعمى الذي عَبَست في وجهه يَزَّكَّى: يقول: يتطهَّر من ذنوبه.
وكان ابن زيد يقول في ذلك ما حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:(لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) يسلم.
وقوله:(أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى) يقول: أو يتذكَّر فتنفعه الذكرى: يعني: يعتبر فينفعه الاعتبار والاتعاظ، والقراءة على رفع:(فتَنْفَعهُ) عطفا به على قوله: (يَذَّكَّرُ) ، وقد رُوي عن عاصم النصب فيه والرفع، والنصب على أن تجعله جوابا بالفاء للعلّ، كما قال الشاعر: