للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قصة ذكرها- فقال: فليس نَفْسٌ إلا وهي تنظر إلى بَيتٍ في الجنة وبَيتٍ في النار، وهو يومُ الحسرة. قال: فيرى أهلُ النار الذين في الجنة، فيقال لهم: لو عَملتم! فتأخذهم الحسرة. قال: فيرى أهلُ الجنة البيتَ الذي في النار، فيقال: لولا أن منَّ الله عليكم! (١)

* * *

فإن قال قائل: وكيف يكون مضافًا إليهم من العمل ما لم يَعملوه على هذا التأويل؟

قيل: كما يُعرض على الرجل العملُ فيقال [له] قبل أن يعمله: (٢) هذا عملك. يعني: هذا الذي يجب عليك أن تَعمله، كما يقال للرجل يَحضُر


(١) الحديث: ٢٤٣٥- سفيان: هو الثوري. سلمة بن كهيل الحضرمي. سبق توثيقه: ٤٣٩، ونزيد هنا أن الثوري قال: "كان ركنًا من الأركان". وقال أحمد: "سلمة متقن الحديث". وقال أبو زرعة: "كوفي ثقة مأمون ذكي". مترجم في التهذيب، والكبير ٢/٢/٧٥، وابن سعد ٦: ٢٢١، وابن أبي حاتم ٢/١/١٧٠-١٧١، وتاريخ الإسلام ٥: ٨١-٨٢.
أبو الزعراء - بفتح الزاي والراء بينهما عين مهملة ساكنة؛ هو عبد الله بن هانئ أبو الزعراء الكبير، وهو خال سلمة بن كهيل. وهو ثقة من كبار التابعين. مترجم في التهذيب، وابن سعد ٦: ١١٩، وابن أبي حاتم ٢/٢/١٩٥.
وهذا الحديث قطعة من حديث طويل - كما قال الطبري هنا: "في قصة ذكرها" وستأتي قطعة أخرى منه في الطبري ١٥: ٩٧ (بولاق) . وهو حديث موقوف من كلام ابن مسعود ولكنه -عندنا- وإن كان موقوفًا لفظًا، فإنه مرفوع حكمًا، لأنه في صفة آخر الزمان، وما يأتي من الفتن، ثم فناء الدنيا، ثم البعث والنشور والشفاعة، وما إلى ذلك، مما لا يعلم بالرأي.
وقد رواه -بطوله كاملا- الحاكم في المستدرك ٤: ٤٩٦-٤٩٨، من طريق الحسين بن حفص الإصبهاني، عن سفيان، بهذا الإسناد. وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي. وهو كما قالا.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ١٠: ٣٢٨-٣٣٠، بطوله، وقال: رواه الطبراني وهو موقوف، مخالف للحديث الصحيح وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا أول شافع"! هكذا قال الهيثمي ولم يذكر شيئًا عن إسناده. وليس هذا موضع التعقب على تعليله.
وروى أبو داود الطيالسي: ٣٨٩- قطعة أخرى منه، عن يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه. و"يحيى بن سلمة". ضعيف جدًا. قال البخاري في الصغير، ص: ١٤٣"منكر الحديث" ولا يضر ضعف الإسناد عند الطيالسي، إذ جاء الحديث -كما ترى- بإسناد صحيح، من رواية سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل.
(٢) ما بين القوسين زيادة يستقيم بها الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>