للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالذي هو أولى بتأويل الآية، ما دلّ عليه الظاهرُ دون ما احتمله الباطن الذي لا دلالة له على أنه المعنيُّ بها. (١) والذي قال السدي في ذلك، وإن كان مَذهبًا تحتمله الآية، فإنه مَنزع بعيد. ولا أثر -بأنّ ذلك كما ذكر- تقوم به حُجة فيسلم لها، (٢) ولا دلالة في ظاهر الآية أنه المراد بها. فإذْ كان الأمر كذلك، لم يُحَلْ ظاهر التنزيل إلى باطن تأويل. (٣)

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (١٦٧) }

قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: وما هؤلاء الذين وصَفتهم من الكفار =وإنْ نَدموا بعد معاينتهم مَا عاينوا من عذاب الله، فاشتدت ندامتهم على ما سلف منهم من أعمالهم الخبيثة، وتمنَّوا إلى الدنيا كرةً ليُنيبوا فيها، ويتبرأوا من مُضليهم وسادتهم الذين كانوا يطيعونهم في معصية الله فيها = بخارجين من النار التي أصلاهُموها الله بكفرهم به في الدنيا، ولا ندمُهم فيها بمنجيهم من عذاب الله حينئذ، ولكنهم فيها مخلدون.

* * *

وفي هذه الآية الدلالةُ على تكذيب الله الزاعمين أن عَذابَ الله أهلَ النار من أهل الكفر مُنقضٍ، وأنه إلى نهاية، ثم هو بعدَ ذلك فانٍ. لأن الله تعالى ذكره أخبرَ عن هؤلاء الذين وصف صفتهم في هذه الآية، ثم ختم الخبر عنهم بأنهم غيرُ خارجين من النار، بغير استثناء منه وَقتًا دون وقت. فذلك إلى غير حدّ ولا نهاية.

* * *


(١) انظر تفسير معنى: "الظاهر، والباطن" فيما سلف ٢: ١٥، واطلبه في فهرس المصطلحات.
(٢) في المطبوعة: "تقوم له حجة"، وهو خطأ، صوابه ما أثبت.
(٣) في المطبوعة: "فإذا كان الأمر. . . "، والصواب ما أثبت. وقوله: "لم يحل" من أحال الشيء يحيله: إذا حوله من مكان إلى مكان، أو من وجه إلى وجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>