وقوله:(وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا) يقول تعالى ذكره: والقمر إذا تبع الشمس، وذلك في النصف الأوّل من الشهر، إذا غُربت الشمس، تلاها القمر طالعا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا) قال: يتلو النهار.
حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا عبد الملك، عن قيس بن سعد، عن مجاهد، قوله:(وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا) يعني: الشمس إذا تبعها القمر.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا) قال: تبعها.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا) يتلوها صبيحة الهلال فإذا سقطت الشمس رُؤي الهلال.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله:(وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا) قال: إذا تلاها ليلة الهلال.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله:(وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا) قال: هذا قسم، والقمر يتلو الشمس نصف الشهر الأوّل، وتتلوه النصف الآخر، فأما النصف الأوّل فهو يتلوها، وتكون أمامه وهو وراءها، فإذا كان النصف الآخر كان هو أمامها يقدمها، وتليه هي.
وقوله:(وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاهَا) يقول: والنهار إذا جَلاهَا، قال: إذا أضاء.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاهَا) قال: إذا غشيها النهار. وكان بعض أهل العربية يتأوّل ذلك بمعنى: والنهار إذا جلا الظلمة، ويجعل الهاء والألف من جلاها كناية عن الظلمة، ويقول: إنما جاز الكناية عنها، ولم يجز لها ذكر قبل، لأن معناها معروف، كما يعرف معنى قول القائل: أصبحت باردة، وأمست باردة، وهبَّت شمالا فكني عن مؤنثات لم يجر لها ذكر، إذ كان معروفا معناهن.
والصواب عندنا في ذلك: ما قاله أهل العلم الذين حكينا قولهم، لأنهم أعلم