للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أشبهها، وهذا القول الثاني هو أشبه بمذاهب العربية.

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الأمصار (أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ) بتنوين " أحدٌ "، سوى نصر بن عاصم، وعبد الله بن أبي إسحاق، فإنه رُوي عنهما ترك التنوين: " أحَدُ اللهُ "; وكأن من قرأ ذلك كذلك، قال: نون الإعراب إذا استقبلتها الألف واللام أو ساكن من الحروف حذفت أحيانا، كما قال الشاعر:

كَيْفَ نَوْمي على الفِرَاشِ وَلَمَّا ... تَشْمَلِ الشَّامَ غَارَةٌ شَعْوَاءُ

تُذْهِلُ الشَّيْخَ عَنْ بَنِيهِ وَتُبْدِي ... عَنْ خِدَامِ العَقِيلَةِ العَذْراءُ (١)

يريد: عن خدام العقيلة.

والصواب في ذلك عندنا: التنوين، لمعنيين: أحدهما أفصح اللغتين، وأشهر الكلامين، وأجودهما عند العرب. والثاني: إجماع الحجة من قرّاء الأمصار على اختيار التنوين فيه، ففي ذلك مُكْتَفًى عن الاستشهاد على صحته بغيره. وقد بيَّنا معنى قوله " أحد " فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.

وقوله: (اللَّهُ الصَّمَدُ) يقول تعالى ذكره: المعبود الذي لا تصلح العبادة إلا له الصمد.

واختلف أهل التأويل في معنى الصمد، فقال بعضهم: هو الذي ليس بأجوف، ولا يأكل ولا يشرب.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا عبد الرحمن بن الأسود، قال: ثنا محمد بن ربيعة، عن سلمة بن


(١) ديوانه: ٢٣، ويأتي في تفسير آية البقرة: ٣٥ (١: ١٨٦ بولاق) ، وآية النساء: ١١٤ (٥: ١٧٨) ، وآية يونس: ٩٨ (١١: ١١٧) وآية سورة الليل: ٢٠ (٣٠: ١٤٦) . يقال: لقيته أصيلالا وأصيلانًا، إذا لقيته بالعشي. وذلك أن الأصيل هو العشي، وجمعه أُصُل (بضمتين) وأصلان (بضم فسكون) ، ثم صغروا الجمع فقالوا: أصيلان، ثم أبدلوا من النون لامًا. فعلوا ذلك اقتدارا على عربيتهم، ولكثرة استعمالهم له حتى قل من يجهل أصله ومعناه. وعى في منطقه: عجز عن الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>