أما بقية بن الوليد، فالحق أنه ثقة، وإنما نعوا عليه التدليس، ولا موضع له هنا، فإنه صرح بالتحديث. ولكن عيسى بن إبراهيم، وهو القرشي الهاشمي، كل البلاء منه في هذا الحديث، وفي أحاديث من نحوه، رواها بهذا الإسناد. وقد قال فيه البخاري في الضعفاء: ٢٧: "منكر الحديث"، وكذلك النسائي: ٢٢. وترجم له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ٣ / ١ ٢٧١ - ٢٧٢، وروى عن أبيه قال: "متروك الحديث"، وعن ابن معين: "ليس بشيء"، وقال ابن حبان في الضعفاء، الورقة ١٦٣: "لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد". وترجمته في الميزان ولسان الميزان فيها العجب. وشيخه "موسى بن أبي حبيب" مثله: ضعيف تالف، وقال الذهبي في الميزان: "ضعفه أبو حاتم، وخبره ساقط. وله عن الحكم بن عمير، رجل قيل: له صحبة. والذي أراه أنه لم يلقه. وموسى -مع ضعفه- فمتأخر عن لقي صحابي كبير". فالبلاء من هذين أو من أحدهما. حتى لقد شك بعض الحفاظ في وجود الصحابي نفسه "الحكم بن عمير"، من أجلهما! فترجم له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ١ / ٢ / ١٢٥، قال: "الحكم بن عمير: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، لا يذكر السماع ولا لقاء، أحاديث منكرة، من رواية ابن أخيه موسى بن أبي حبيب، وهو شيخ ضعيف الحديث، ويروي عن موسى بن أبي حبيب عيسى بن إبراهيم، وهو ذاهب الحديث، سمعت أبي يقول ذلك". وحتى إن الذهبي أنكر صحبته وترجم له في الميزان، وأخطأ في النقل فيه عن أبي حاتم، ذكر أنه ضعف الحكم! وكلام أبي حاتم -كما ترى- غير ذلك. وتعقبه الحافظ في لسان الميزان ٢: ٣٣٧ وأثبت أنه صحابي، بما ذكره ابن عبد البر وابن منده وأبو نعيم والترمذي وغيرهم، وأن الدارقطني قال: "كان بدريًا". وقد ذكره ابن حبان في كتاب الثقات (ص ٥٤) في طبقة الصحابة، وقال: "يقال إن له صحبة". ونقل الحافظ هذا في اللسان عن ابن حبان، ولكن سها فزعم أنه ذكره "في ثقات التابعين". وترجمه ابن عبد البر في الاستيعاب، رقم ٤٧٦: باسم "الحكم بن عمرو الثمالي، وثمالة في الأزد، شهد بدرًا، ورويت عنه أحاديث مناكير من أحاديث أهل الشأم، لا تصح". وتسمية أبيه باسم "عمرو" خطأ قديم في نسخ الاستيعاب، لأن ابن الأثير تبعه في أسد الغابة ١: ٢٦، وأشار إلى الغلط فيه، ثم ترجمه على الصواب: "الحكم بن عمير الثمالي، من الأزد، وكان يسكن حمص". وحقق الحافظ ترجمته في الإصابة ٢: ٣٠ تحقيقًا جيدًا.