للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولُ نَابغةَ بني جعدة:

يَا بِنْتَ عَمِّي، كِتَابُ اللهِ أَخْرَجَنِي ... عَنْكُم، فَهَلْ أَمْنَعَنَّ اللهَ مَا فَعَلا! (١)

وذلك أكثر في أشعارهم وكلامهم من أن يحصى. غير أن ذلك، وإن كان بمعنى: فُرض، فإنه عندي مأخوذ من"الكتاب" الذي هو رسمٌ وخَط. وذلك أن الله تعالى ذكره قد كتب جميعَ ما فرَض على عباده وما هم عاملوه في اللوح المحفوظ، فقال تعالى ذكره في القرآن: (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) [سورة البروج: ٢١-٢٢] وقال: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ) [سورة الواقعة: ٧٧-٧٨] . فقد تبين بذلك أن كل ما فرضه علينا، ففي اللوح المحفوظ مكتوبٌ.

فمعنى قوله: -إذ كان ذلك كذلك-"كُتب عليكم القصاص"، كتب عليكم في اللوح المحفوظ القصَاصُ في القتلى، فَرضًا، أن لا تقتلوا بالمقتول غير قاتله.

* * *

وأما"القصاص" فإنه من قول القائل:"قاصصتُ فلانًا حقّي قِبَلهُ من حَقه قبلي، قصاصًا ومُقاصَّة". فقتل القاتل بالذي قتله"قصاص"، لأنه مفعول به مثلُ الذي فعَل بمن قتله، وإن كان أحد الفعلين عُدوانًا والآخر حَقًّا. فهما وإن اختلفا من هذا الوجه، فهما متفقان في أن كل واحد قد فعَل بصاحبه مثل


(١) اللسان (كتب) وأساس البلاغة (كتب) ، والمقاييس ٥: ١٥٩، ويروي"يا ابنة عمي"، وفي الأساس: "أخرني"، فأخشى أن تكون خطأ من ناسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>