للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله تعالى: {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ}

قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"ذلك"، هذا (١) الذي حكمت به وسَننته لكم، من إباحتي لكم -أيتها الأمة- العفوَ عن القصاص من قاتل قتيلكم، على دية تأخذونها فتملكونها ملككم سائر أموالكم التي كنت مَنعتها مَن قبلكم من الأمم السالفة ="تخفيف من ربكم"، يقول: تخفيف مني لكم مما كنت ثَقَّلته على غيركم، بتحريم ذلك عليهم ="ورحمة"، مني لكم. كما:-

٢٥٩٣- حدثنا أبو كريب وأحمد بن حماد الدولابي قالا حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: كان في بني إسرائيل القصاصُ ولم تكن فيهم الدية، فقال الله في هذه الآية:"كُتب عليكم القصاصُ في القتلى الحر بالحر" إلى قوله:"فمَن عُفي له من أخيه شيء"، فالعفو: أن يقبل الدية في العمد ="ذلك تخفيف من ربكم". يقول: خفف عنكم ما كان على مَنْ كان قبلكم: أن يطلب هذا بمعروف، ويؤدي هذا بإحسان. (٢)


(١) انظر"ذلك" بمعنى"هذا"١: ٢٣٥-٢٣٧ / ثم هذا الجزء ٣: ٣٣٥.
(٢) الحديث: ٢٥٩٣- أحمد بن حماد بن سعيد بن مسلم الأنصاري الرازي الدولابي: هو والد"أبي بشر محمد بن أحمد الدولابي" صاحب كتاب الكنى والأسماء. وقد رفعنا نسبه نقلا عن تذكرة الحفاظ ٢: ٢٩١في ترجمة ابنه الحافظ. وأحمد بن حماد هذا: ثقة، ترجمه ابن أبي حاتم١/١/٤٩، فلم يذكر فيه جرحًا، وذكر أن أباه أبا حاتم سمع منه.
سفيان: هو ابن عيينة.
والحديث رواه عبد الرزاق في تفسيره، ص: ١٦، بنحوه. بإسنادين: عن معمر، عن أبي نجيح، عن مجاهد. وعن ابن عيينة -كالإسناد هنا إلى مجاهد- عن ابن عباس.
ورواه البخاري ١٢: ١٨٣ (فتح) ، عن قتيبة بن سعيد، عن سفيان. بهذا الإسناد.
وذكره السيوطي١: ١٧٣، وزاد نسبته لسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، والنسائي، وابن أبي حاتم، وابن حبان، وغيرهم.
وذكره ابن كثير ١: ٣٩٤، من رواية سعيد بن منصور، عن سفيان. ثم قال: "وقد رواه غير واحد عن عمرو. وأخرجه ابن حبان في صحيحه عن عمرو بن دينار". فقد سها -رحمه الله- عن أن البخاري رواه في صحيحه، فنسبه لصحيح ابن حبان، ولم يذكر البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>