للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن الحسن: في رجل قُتل فأخذت منه الدية، ثم إن وليَّه قَتل به القاتل. قال الحسن: تؤخذ منه الدية التي أخذ، ولا يُقتل به. (١)

* * *

قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بقوله:"فمن اعتدى بعد ذلك فله عذابٌ أليم"، تأويلُ من قال: فمن اعتدى بعد أخذه الدية، فَقتلَ قاتلَ وليه، فله عذاب أليم في عاجل الدنيا، وهو القتل. لأن الله تعالى جعل لكل وليِّ قتيلٍ قُتل ظلمًا، سلطانًا على قاتل وليه، فقال تعالى ذكره (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ) [سورة الإسراء: ٣٣] . فإذ كان ذلك كذلك: وكان الجميع من أهل العلم مجمعين على أن من قَتل قاتلَ وليه بعد عفوه عنه وأخذِه منه دية قتيله، أنه بقتله إياه له ظالم في قتله - كان بَيِّنًا أن لا يولِّي من قَتله ظُلمًا كذلك، السلطانَ عليه في القصاص والعفو وأخذ الدية، أيّ ذلك شاء. (٢) وَإذا كان ذلك كذلك، كان معلومًا أن ذلك عذابُه، لأن من أقيم عليه حدُّه في الدنيا، كان ذلك عقوبته من ذنبه، ولم يكن به متَّبَعًا في الآخرة، على ما قد ثبت به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. (٣)


(١) الخبر: ٢٦١٦- بشر بن معاذ، شيخ الطبري، مضى في: ٣٥٢. ونزيد هنا أنه ثقة معروف، مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ١/١/٣٦٨، وذكر أن أباه كتب عنه، وأنه سئل عنه، فقال: "صالح الحديث صدوق". وهو يروي عن قدماء الشيوخ، مثل"حماد بن زيد" المتوفى سنة ١٧٩، وعبد الواحد بن زياد، شيخه هنا، المتوفى تلك السنة.
عبد الواحد بن زياد العبدي البصري: أحد الأعلام الثقات. مترجم في التهذيب، والصغير للبخاري: ٢٠٢، وذكر أنه مات سنة ١٧٩، وابن أبي حاتم ٣/١/٢٠-٢١، وابن سعد ٧/٢/٤٤.
يونس: هو ابن عبيد بن دينار العبدي، وهو ثقة، من أوثق أصحاب الحسن وأثبتهم. مترجم في التهذيب. والكبير ٤/٢/٤٠٢، والصغير: ١٦٠، وابن سعد ٧/٢/٢٣-٢٤، وابن ابي حاتم ٤/٢/٢٤٢.
(٢) في هذه العبارة غموض، وأخشى أن يكون قد سقط من الكلام شيء، ولكن المعنى العام ظاهر.
(٣) كالذي رواه البخاري من حديث عبادة بن الصامت قال: "بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط فقال: أبايعكم على أن لا تشركوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوني في معروف. فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئًا فأخذ به في الدنيا، فهو كفارة له وطهور، ومن ستره الله فذلك إلى الله، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له" (البخاري: كتاب الحدود ٨: ١٦٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>