للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن مسلم، عن مسروق: أنه حضر رجلا فوصَّى بأشياء لا تنبغي، فقال له مسروق: إنّ الله قد قسم بينكم فَأحسن القَسْم، وإنه من يرغب برأيه عن رَأي الله يُضِلّه، أوصِ لذي قرابتك ممن لا يرثك، ثم دع المال على ما قسمه الله عليه.

٢٦٣٠- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا أبو تميلة يحيى بن واضح قال، حدثنا عبيد، عن الضحاك قال: لا تجوز وصية لوارث، ولا يُوصي إلا لذي قرابة، فإن أوصَى لغير ذي قرابة فقد عمل بمعصية؛ إلا أن لا يكون قرابة، فيوصي لفقراء المسلمين.

٢٦٣١- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة قال: العجبُ لأبي العالية أعتقته امرأة من بني رياح وأوصى بماله لبني هاشم!

٢٦٣٢- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن رجل، عن الشعبي قال: لم يكن له [مَوَال] ، ولا كرامة. (١)

٢٦٣٣- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا


(١) في المطبوعة: "لم يكن له حال ولا كرامة". وهو خطأ بلا شك عندي. فإن هذا الخبر تعليق على الخبر السالف الذي تعجب فيه المغيرة من فعل أبي العالية: أعتقته امرأة من بني رياح، وأوصى بماله لبني هاشم! فرد الشعبي تعجب المغيرة فقال: إن أبا العالية لا موالي له، ولا كرامة لأحد.
وخبر ذلك أن أبا العالية اشترته امرأة، ثم ذهبت به إلى المسجد، فقبضت على يده. فقالت: اللهم اذخره عندك ذخيرة، اشهدوا يا أهل المسجد أنه سائبة لله، ليس لأحد عليه سبيل إلا سبيل معروف. قال أبو العالية: والسائبة يضع نفسه حيث شاء. (ابن سعد ٧/١/٨١) .
والسائبة: العبد يعتق على أن لا ولاء له. واختلف الفقهاء في ميراث السائبة، إذا ترك ميراثًا: أيرثه معتقه، أم لا يحل له أن يرزأ من ماله شيئًا؟ قيل: لما هلك أبو العالية أتى مولاه بميراثه، فقال: هو سائبة! وأبى أن يأخذه. وفي حديث عمر: "السائبة والصدقة ليومهما" قال أبو عبيدة: أي ليوم القيامة، واليوم الذي كان أعتق سائبته وتصدق بصدقة فيه. يقول: فلا يرجع إلى الانتفاع بشيء منها بعد ذلك في الدنيا. وانظر ترجمة سالم مولى أبي حذيفة (ابن سعد ٣/١/٦٠) فقد كان سائبة، وقتل يوم اليمامة في عهد أبي بكر، فأرسل أبو بكر ماله لمولاته فأبت أن تقبله، فجعله عمر في بيت المال.
فهذا ما أراد الشعبي أن يقول: إن أبا العالية سائبة، فهو لا موالي له، وماله يضعه حيث شاء، ولا كراهة في ذلك لأحد من الموالي، لأن ذلك هو حكم السائبة.
هذا ما رأيت في تصحيح هذه الجملة، ولم أجدها في مكان آخر، فأسأل الله أن أكون قد بلغت التوفيق، وجنبت الزلل.

<<  <  ج: ص:  >  >>