للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو جعفر: ثم اختلف أهل التأويل في الذين عنى الله بقوله:"كما كُتبَ على الذين من قبلكم"، وفي المعنى الذي وَقعَ فيه التشبيه بين فرضِ صَومنا وصوم الذين من قبلنا.

فقال بعضهم: الذين أخبرنا الله عن الصوم الذي فرضه علينا، أنه كمثل الذي كان عليهم، هم النصارى. وقالوا: التشبيه الذي شَبه من أجله أحدَهما بصاحبه، هو اتفاقهما في الوقت والمقدار الذي هو لازم لنا اليوم فرضُه.

* ذكر من قال ذلك:

٢٧٢٠- حدثت عن يحيى بن زياد، عن محمد بن أبان [القرشي] ، عن أبي أمية الطنافسي، عن الشعبي أنه قال: لو صُمت السنة كلها لأفطرت اليوم الذي يشك فيه فيقال: من شعبان، ويقال: من رمضان. وذلك أن النصارى فُرض عليهم شهر رَمضان كما فرض علينا فحوَّلوه إلى الفصل. وذلك أنهم كانوا ربما صاموه في القيظ يعدون ثلاثين يومًا. (١) ثم جاء بعدهم قرن فأخذوا بالثقة من أنفسهم، فصاموا قبل الثلاثين يومًا وبعدها يومًا. ثم لم يزل الآخر يُستن سنّة القرن الذي قبله حَتى صارت إلى خمسين. (٢) فذلك قوله:"كتبَ عليكم الصيام كما كتبَ عَلى الذين من قَبلكم"، (٣)

* * *


(١) في معاني القرآن للفراء: "فعدوه ثلاثين يومًا".
(٢) في معاني القرآن: "يستن سنة الأول حتى صارت. . ".
(٣) الخبر: ٢٧٢٠- يحيى بن زياد أبو زكرياء: هو الفراء الإمام النحوي، وهو ثقة معروف مترجم في التهذيب. وتاريخ بغداد ١٤: ١٤٩-١٥٥. وفي دواوين كثيرة.
محمد بن ابان: نقل أخي السيد محمود محمد شاكر أن هذا الخبر مذكور في كتاب"معاني القرآن" للفراء رواه عن"محمد بن أبان القرشي". ومحمد بن أبان القرشي: هو"محمد بن أبان بن صالح بن عمير"، مولى لقريش. ترجمه البخاري في الكبير ١/١/٣٤، برقم ٥٠. وقال: "يتكلمون في حفظه" وذكر في الصغير مرتين، ص: ١٨٨، ٢١٤. وقال في أولاهما: "يتكلمون في حفظ محمد بن أبان، لا يعتمد عليه". وقال في الضعفاء، ص: ٣٠"ليس بالقوي".
وكذلك ترجمه ابن أبي حاتم ٣/٢/١٩٩، برقم: ١١١٩، وروى تضعيفه عن يحيى بن معين.
والراجح عندي أنه هو الذي روى عنه الفراء، فإن ابن أبي حاتم ذكر من الرواة عن القرشي هذا - أبا داود الطيالسي، وهو من طبقة الفراء.
وأما ترجمته في التهذيب ٩: ٢-٣ فإنها مختلة مضطربة، خلط فيها بين هذا وبين"محمد بن أبان الواسطي"، وشتان بينهما. والواسطي مترجم عند البخاري، برقم: ٤٨، وعند ابن ابي حاتم، برقم: ١١٢١. وكلاهما لم يذكر فيه جرحًا.
"عن أبي أمية الطنافسي": كذا ثبت هنا. وليس لأبي أمية الطنافسي ترجمة ولا ذكر، فيما رأينا من المراجع. وإنما المترجم ابنه"عبيد بن أبي أمية". وهو الذي يروي عن الشعبي. وهو مترجم في التهذيب وابن أبي حاتم ٢/٢/٤٠١.
وهذا الخبر في معاني القرآن للفراء ١: ١١١، ونقله السيوطي ١: ١٧٦، ولم ينسبه لغير الطبري. ولكنه اختصره جدًا. +كأنه تلخيص لا نقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>