والظاهر أن ابن المثنى سمع الحديث من محمد بن جعفر مرتين أو أكثر، إحداها على هذا الوجه الذي هنا، وبعضها على الوجه الواضح الصريح، بذكر ابن أبي ليلى. فقد روى الحديث -كله- أبو داود السجستاني في السنن: ٥٠٦، بإسنادين، أحدهما إسناد الطبري هذا، أعني عن محمد بن المثنى. فقال أبو داود: "حدثنا عمرو بن مرزوق، أخبرنا شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: سمعت ابن أبي ليلى -ح- وحدثنا ابن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، سمعت ابن أبي ليلى، قال، أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال، وحدثنا أصحابنا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال. . . ". فأعاد في الإسناد الثاني -في طريق شعبة- قول عمرو بن مرة: "سمعت ابن أبي ليلى". ولعله أراد بهذه الإعادة، التي فيها التصريح باسم ابن أبي ليلى، رفع التوهم أن يظن أن تلك الرواية التي لم يصرح فيها محمد بن جعفر باسم"ابن أبي ليلى" تعلل هذه الرواية الصريحة. أو يؤيد هذا قول الطبري -عقب الحديث-: "قال أبو موسى: قوله"قال عمرو بن مرة حدثنا أصحابنا" - يريد ابن أبي ليلى، كأن ابن أبي ليلى القائل: حدثنا أصحابنا". وأبو موسى: هو محمد بن المثنى نفسه، شيخ الطبري وأبي داود. فحين حدث بالرواية المبهمة -التي في الطبري هنا- فسرها بالرواية الأخرى الموضحة، وصرح في تفسيره بأن القائل"حدثنا أصحابنا" هو ابن أبي ليلى، لا عمرو بن مرة. تحرزًا من إيهام أن الإسناد يكون مرسلا إذا كان القائل ذلك هو عمرو بن مرة. وقد عقب الطبري على ذلك، بالإسناد من طريق أبي داود الطيالسي، الذي فيه التصريح بسماع عمرو بن مرة ذلك من ابن أبي ليلى: ٢٧٣٢. وقول ابن أبي ليلى"حدثنا أصحابنا" - يريد به الصحابة، مثل معاذ وغيره. وابن أبي ليلى من كبار التابعين. ويؤيد هذا رواية البخاري ٤: ١٦٤ (فتح) ، قطعة من الحديث نفسه المطول، رواية معلقة بصيغة الجزم. فقال: "وقال ابن نمير: حدثنا الأعمش، حدثنا عمرو بن مرة، حدثنا ابن أبي ليلى حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم". وقال الحافظ: "وصله أبو نعيم في المستخرج، والبيهقي من طريقه. . . وهذا الحديث أخرجه أبو داود، من طريق شعبة والمسعودي، عن الأعمش مطولا، في الأذان، والقبلة، والصيام. واختلف في إسناده اختلافًا كثيرًا. وطيق ابن نمير هذه أرجحها".