القول في تأويل قوله تعالى:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى"شهود الشهر".
فقال بعضهم: هو مُقام المقيم في داره. قالوا: فمن دخل عليه شهرُ رمضان وهو مقيم في داره، فعليه صوم الشهر كله، غابَ بعدُ فسافر، أو أقام فلم يبرح.
* ذكر من قال ذلك:
٢٨٢٤- حدثني محمد بن حميد ومحمد بن عيسى الدامغاني قالا حدثنا ابن المبارك، عن الحسن بن يحيى، عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله:"فمن شَهد منكم الشهر فليصمه"، قال: هو إهلاله بالدار. يريد: إذا هلَّ وهو مُقيم.
٢٨٢٥- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حصين، عمن حدثه، عن ابن عباس أنه قال. في قوله:"فمن شهد منكم الشهر فليصمه"، فإذا شهده وهو مقيم فعليه الصوم، أقام أو سافر. وإن شهده وهو في سَفر، فإن شاء صامَ وإن شَاء أفطر.
٢٨٢٦- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن محمد، عن عبيدة -في الرجل يُدركه رمضان ثم يُسافر - قال: إذا شهدتَ أوله فصُمْ آخره، ألا تراه يقول:"فمن شَهدَ منكم الشهر فليصمه"؟
٢٨٢٧- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن هشام القردوسي، عن محمد بن سيرين قال، سألت عَبيدة: عن رجل أدرك رمضان وهو مقيم؟ قال: من صام أول الشهر فليصم آخره، ألا تراه يقول: فَمنْ شهد منكم الشهرَ فليصمه". (١)
(١) الأثر: ٢٨٢٧- في المطبوعة: "الفردوسي"، والصواب بالقاف المضمومة، هشام بن حسان الأزدي القردوسي أبو عبد الله البصري، روي عن حميد بن هلال والحسن البصري ومحمد وأنس وحفص بني سيرين وغيرهم، وروى عنه عكرمة بن عمار وسعيد بن أبي عروبة وابن علية وغيرهم. يقال هو منسوب إلى درب بالبصرة يقال له"القراديس"، وهو جمع قردوس، وهو أبو حي من اليمن، سمى الدرب بهم. ويقال: هو مولى لهذ الحي. قال ابن سعد: كان ثقة إن شاء الله. ومات سنة ١٤٦.