يُضِيءُ كَضَوْءِ سِرَاجِ السَّلِيطِ ... لَمْ يَجْعَلِ اللهُ فِيه نُحَاسَا بِآنسَةٍ غَيْرِ أنْسِ القِرَافِ وَتَخْلِطُ ... بالأُنْسِ مِنْها شِمَاسَا وهو شعر كما ترى (٢) المعاني الكبير ١: ٤٨٦، وتأويل مشكل القرآن: ١٠٧ وغيرهما. وقولهما: "رموها بأثواب" قالوا: تعني بأجسام خفاف (المعاني) والصواب في ذلك أن يقال: أن هؤلاء الركب قد لوحتهم البيد وأضتتهم، فلم يبق فيهم إلا عظام معروقة عليها الثياب، لا تكاد ترى إلا ثوبًا يلوح على كل ضار وضامر، ولذلك شبهت الإبل عليها ركبها بالنعام المنفر. والمنفر: الذي ذعر فانطلق هاربًا يخفق في الأرض. (٣) هو أبو ذؤيب الهذلي. (٤) ديوانه: ٢٦، والمعاني الكبير: ٤٨٣، ومشكل القرآن: ١٠٨ وغيرها. من قصيدة له عجيبة، يرثى بها صديقه وحميمه نشيبة بن محرث، استفتحها متغزلا مشببًا بصاحبته أم عمرو، واسمها فطيمة، وقال قبل هذا البيت، يلوم نفسه على هجرها ويقول: فَإنَّكَ مِنْهَا والتَّعَذُّرَ، بَعْدَ مَا ... لَجِجْتَ، وشطَّتْ مِنْ فُطَيْمَةَ دَارُهَا كَنَعْتِ الَّتِي ظَلَّت تُسَبِّع سُؤْرَهَا ... وَقَالتْ: حَرَامٌ أنْ يرَجَّلَ جَارُهَا تبرَّأُ مِنْ دَم القَتِيل. . . . ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . يقول أنت في انتفاءك من حبها بعد اللجاجة فيه، كهذه المرأة التي قتلت قتيلا وحازت بزه، أي سلاحه، وأخفته. قال الأصمعي في خبر هذه المرأة: هذه امرأة نزل بها رجل فتحرجت أن تدهنه وترجل شعره، ثم جاء كلب فولغ في إنائها فغسلته سبع مرات. وذلك بعين الرجل، فتعجب منها ومن ورعها. فبينا هو كذلك، أتاها قوم يطلبون عندها قتيلا، فانتفلت من ذلك -أي أنكرت- وحلفت. ثم فتشوا منزلها، فوجدوا القتيل وسلاحه في بيتها". يقول أنت كهذه المرأة، تجحد حب صاحبتك، وتظهر أنك قد كبرت وانتهيت عن الجهل والصبا، ولو فتش قلبك. لرأوا حبك لها لا يزال يتأجج ويشتعل.