للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بالآية، التأويلُ الذي رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"الخيط الأبيض" بياض النهار،"والخيط الأسود" سوادُ الليل. وهو المعروف في كلام العرب، قال أبو دُؤاد الإياديّ:

فَلَمَّا أضَاءت لَنَا سُدْفَةٌ ... وَلاحَ مِنَ الصُّبْحِ خَيْطٌ أَنَارَا (١)

* * *

وأما الأخبارُ التي رويتْ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه شرب أو تسحَّر، ثم خرج إلى الصلاة، فإنه غير دافع صحةَ ما قلنا في ذلك؛ لأنه غير مستنكر أن يكون صلى الله عليه وسلم شَرب قبل الفجر، ثم خرج إلى الصلاة، إذ كانت الصلاةُ -صلاة الفجر- هي على عهده كانت تُصلى بعد ما يطلع الفجر ويتبيَّن طلوعه ويؤذَّن لها قبل طلوعه.

وأما الخبر الذي رُوي عن حذيفة:"أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يتسحر وأنا أرى مَواقعَ النَّبل"، فإنه قد استُثبتَ فيه فقيل له: أبعد الصبح؟ فلم يجب


(١) الأصمعيات: ٢٨ من أبيات. يصف فرسا خرج عليه للصيد، واللسان (خيط) . وفي الأصمعيات: "خير أنارا" ولا معنى لها. والسدفة: ظلمة الليل في لغة نجد، والضوء في لغة قيس، وهي أيضًا: اختلاط الضوء والظلمة جميعا، كوقت ما بين صلاة الفجر إلى أولى الإسفار. قال عمارة: ظلمة فيها ضوء من أول الليل وآخره، ما بين الظلمة إلى الشفق، وما بين الفجر إلى الصلاة. وأراد أبو دؤاد اختلاط الظلمة والضوء. ولاح: بدا وظهر من بعيد. والخيط: اللون هنا يكون ممتدا كالخيط.

<<  <  ج: ص:  >  >>