للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو جعفر: فإن قال قائل: فما وجه وصال مَنْ واصَل؟ فقد علمت بما:

٣٠٢٨- حدثكم به أبو السائب قال، حدثنا حفص، عن هشام بن عروة، قال: كان عبد الله بن الزبير يُواصل سبعة أيام، فلما كبِر جعلها خمسا، فلما كبِر جدًّا جعلها ثلاثا.

٣٠٢٩- حدثنا أبو السائب قال، حدثنا حفص، عن عبد الملك، قال: كان ابن أبي يعمر يفطر كل شهر مرة.

٣٠٣٠ - حدثنا ابن أبي بكر المقدّمي قال، حدثنا الفروي، قال: سمعت مالكا يقول: كان عامر بن عبد الله بن الزبير يواصل ليلةَ ستَّ عشرة وليلة سبعَ عشرة من رمضان لا يفطر بينهما، فلقيته فقلت له: يا أبا الحارث ماذا تجدُه يقوِّيك في وصَالك؟ قال: السمْن أشرُبه أجده يُبلّ عروقي، فأما الماء فإنه يخرج من جسدي (١) .

= وما أشبه ذلك ممن فعل ذلك، ممن يطولُ بذكرهم الكتاب؟

قيل: وجه من فعل ذلك إن شاء الله تعالى على طلب الخموصة لنفسه والقوة (٢) لا على طلب البرّ لله بفعله. وفعلهم ذلك نظيرُ ما كان عمر بن الخطاب يأمرهم به بقوله:

"اخشَوشِنوا وَتمعْددوا، وانزوا على الخيل نزوًا، واقطعوا الرُّكُب وامشوا حُفاة" (٣) .


(١) الخبر: ٣٠٣٠- ابن أبي بكر المقدمي: هو أبو عثمان أحمد بن محمد بن أبي بكر المقدمي، شيخ الطبري. و"الفروي" بفتح الفاء وسكون الراء: هو إسحاق بن محمد بن أبي فروة، وقد سبق مثل هذا الإسناد إلى مالك: ٨٧٦. ولكن قال الطبري هناك: "حدثنا أبو عثمان المقدمي". وهنا لم يذكر اسمه ولا كنيته، بل نسبه إلى جده.
(٢) "الخموصة" مصدر خمص بطنه خمصا (بسكون الميم وفتحها) وخماصة. ولم يذكروا"الخموصة" في كتب اللغة، وهو عربي عريق كقولهم: الفسالة والفسولة، والرذالة والرذولة، وفارس بين الفراسة والفروسة، ورجل جلد بين الجلادة والجلودة، وبطل بين البطالة والبطولة، وأشباه ذلك.
(٣) اخشوشن الرجل: لبس الخشن وتعوده، وأكل الخشن، وعاش عيشا خشنا وبالغ في التخشن. وتمعدد الرجل: تشبه بعيش معد بن عدنان في التشظف وترك التزيي بزي العحم. يعني: اصبروا على عيش معد في الحضر والسفر، وتشبهوا بلباسه، ودعوا زي الأعاجم. النزو: الوثب، يأمرهم أن يثبوا على الخيل وثبا بلا استعانة بركاب. والركب جمع ركاب: وهو ما يكون في سرج الفرس يضع الراكب فيه رجله، فإذا كان مثله في رحل البعير سمي"الغرز".

<<  <  ج: ص:  >  >>